للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمخصوص بتسبيح الْحَصَى وحنين الجِذعِ وانشقاق الْقَمَر صلّى الله عَلَيْهِ وعَلى أَخِيه وَابْن عمّه أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب مستودع سرِّه ومنتهى علمه ومقرّه والمحبُوِّ بِمَا يدل على شرِيف مَنْزِلَته وَقدره وَمن قَاتل الجنّ فسُقوا بغضبه كأس الْمنون وردَّت لَهُ الشَّمْس كَمَا ردَّت من قبله ليوشع بن نون وعَلى آلهما الهداة الأئمَّة الَّذين زَالَت بإرشادهم كلّ شُبْهَة وغمَّة وَنسخت بأنوارهم ظلم الشكوك المدلهمَّة وتنقَّلت فيهم سيادة هَذَا الْعَالم وسياسة هَذِه الأمَّة ويلَّم عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ تَسْلِيمًا وَزَادَهُمْ تَشْرِيفًا وتكريماً وتعظيما

وإنَّ أَمِير الْمُؤمنِينَ إِذا تأمَّل مَا ينشئه الله ويبدعه وتدبر مَا يبديه سُبْحَانَهُ ويخترعه وجد من غرائب الْفِعْل وغوامض الْقُدْرَة وعجائب الصنع وسرائر الْفطْرَة مَا يبْعَث على الضراعة لَهُ)

والخشوع وَيَدْعُو إِلَى الاستكانة لعظمته والخضوع ويضطر كلّ ذِي لبٍّ وتصوُّر ويقتاد كلَّ ذِي عقلٍ وتفكُّر إِلَى صِحَة الْعلم بأنَّه الله الَّذِي لَا إِلَه إلَاّ هُوَ الواحدُ لَا من حِسَاب عَاد والقاهر بِلَا مدافعٍ لأَمره وَلَا رادّ والرازقُ المنشئ المقدّر والخالق البارئ المصوّر مخرج الْعَالم من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود وفاطرُ النَّسم على غير الْمِثَال الْمَعْهُود والدالُّ على حكمته بإتقان ذَلِك وَحسن تركيبه ومصرِّف الأَفكار فِيمَا تحدثه قدرته النافذة وَتَأْتِي بِهِ وَهَذَا برهَان أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيمَا هُوَ لهِجٌ بِهِ من الذّكر والتوحيد وحجَّته فِيمَا هُوَ متوفّر عَلَيْهِ من مُوَاصلَة التَّحْمِيد والتنجيد وَالله عزّ وجلّ يُضَاعف لَهُ ثَوَاب الْمُجْتَهدين وينيله الزُّلْفة بِمَا يُعينهُ عَلَيْهِ من إعزاز الدّين

وإنَّه عُرض بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ كتاب مُتَوَلِّي الْبَرِيد يتضمَّن أمرا أبان عَن العظمة الْقَاهِرَة وأعرب عَن المعجزة الباهرة وأوضح المعذرة لمن يَعْتَقِدهُ من شَرَائِط الساهرة وَذَلِكَ أنَّه أنهى أنَّ بقرة جرت حَالهَا على غير الْقيَاس فنتجت حَيَوَانا على هَيْئَة النَّاس وَفِي هَذَا مُخَالفَة المنتوج جنس الناتج وَذَاكَ ممَّا يضلِّل الْفَهم ويستوقفه ومباينته إيَّاه وَهُوَ ممَّا تنكره الْعُقُول وَلَا تعرفه وَهَذَا من الأَنذار المنبِّهة الموقظة والإبداعات الَّتِي تضمَّنت بَالغ الموعظة وفيهَا تحذير لمن تَمَادى على الآثام والمعاصي وتذكير بيومٍ يُؤْخَذ المجرمون فِيهِ بالأَقدام والنواصي

فتأمَّلوا معشر الْمُسلمين رحمكم الله هَذِه الْحَادِثَة وَمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من الْوَعيد وتدبَّروا مَا خطب بِهِ لِسَان التخويف فِيهَا مسمعاً للقريب والبعيد إنَّ فِي ذَلِك لذكرى لمن كَانَ لَهُ قلب أَو ألْقى السّمع وَهُوَ شَهِيد وَبَادرُوا وفَّقكم الله إِلَى الدُّعَاء والابتهال وَاعْمَلُوا بِمَا ندبتم إِلَيْهِ من صَالح الأَعمال وأقلعوا عمَّا كُنْتُم تُمسون عَلَيْهِ من الْخَطَايَا

<<  <  ج: ص:  >  >>