بعده وَكتب إِلَى الْآفَاق بذلك فثار بَنو الْعَبَّاس لذَلِك وتألَّموا وَكَانَ الْمَأْمُون قد زوَّجه ابنتَه أُمَّ حبيب ومدحه دِعبِل الخُزاعي فَأعْطَاهُ سِتّ مائَة دِينَار وجبَّة خزّ بذل لَهُ فِيهَا أهل قمّ ألف دِينَار فَامْتنعَ وسافر فأرسلوا من قطع عَلَيْهِ الطَّرِيق وَأخذ الجبَّة فَرجع إِلَى قمّ فَقَالُوا لَهُ أمَّا الجبَّة فَلَا وَلَكِن هَذِه ألف دِينَار وَأَعْطوهُ مِنْهَا خرقَة
قَالَ المبرّد سُئل عَليّ بن مُوسَى الرِّضَا أيكلّف اللهُ العبادَ مَا لَا يُطِيقُونَ فَقَالَ هُوَ أعدل من)
ذَلِك قيل لَهُ فيستطيعون أَن يَفْعَلُوا مَا يُرِيدُونَ قَالَ هم أعجز من ذَلِك
وَقيل إِن الْمَأْمُون همَّ مرَّةً أَن يخلع نَفسه من الْخلَافَة ويولِّيها عليَّ بن مُوسَى الرِّضَا ولمَّا جعله وليَّ عَهده نزع السوَاد العباسي وألبس الناسَ الخضرةَ وَضرب اسْم الرِّضَا على الدِّينَار وَالدِّرْهَم وَأمر يَوْمًا لَهُ بِأَلف ألف دِرْهَم
يُقَال إنَّه أكل عنباً وَأكْثر مِنْهُ فَمَاتَ فُجاءةً واغتمَّ الْمَأْمُون كثيرا وَدَفنه عِنْد قبر أَبِيه وَقيل إنَّه شقَّ لَهُ قبر الرشيد أَبِيه وَدَفنه فِيهِ وَقيل إنَّه سُمَّ وَمَات فِي شهر صفر وَدفن بطوس وقصده مقصودٌ بالزيارة وَفِيه يَقُول أَبُو نواس
(قيل لي أنتَ أحسنُ النَّاس طرًّا ... فِي فنونٍ من الْمقَال النبيهِ)
(لَك جُنْدٌ من القريض مديحٌ ... يُثْمِرُ الدُّرَّ فِي يَدَيْ مُجْتَنيهِ)
(فعلامَ تركتَ مدحَ ابْن مُوسَى ... والخصالِ الَّتِي تجمَّعْنَ فِيهِ)
(قلت لَا أَسْتَطِيع مدحَ إمامٍ ... كَانَ جبريلُ خَادِمًا لأبيهِ)
وَفِيه يَقُول أَيْضا
(مُطهَّرون نقيَّاتٌ جيوبُهُمُ ... تجْرِي الصلاةُ عَلَيْهِم أَيْنَمَا ذُكِروا)
(من لم يكن علَويًّا حِين تنسبه ... فَمَا لَهُ فِي قديم الدَّهْر مُفْتَخرُ)
(الله لمّا برا خلقا فأتقنه ... صفّاكُمُ واصطفاكم أيُّها البَشَرُ)
(فأنتمُ الملأُ الْأَعْلَى وعندكمُ ... علمُ الكتابِ وَمَا جَاءَت بِهِ السُّورُ)
قَالَ لَهُ الْمَأْمُون يَوْمًا مَا يَقُول بَنو أَبِيك فِي جدنا الْعَبَّاس فَقَالَ مَا يَقُولُونَ فِي رجلٍ فرض الله طَاعَة بنيه على خلقه وَفرض طَاعَته على بنيه فَأمر لَهُ بِأَلف دِرْهَم