للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سبع وَسِتِّينَ وست مائَة تفقَّه على أبي الْحسن بن المفضّل الْحَافِظ على مَذْهَب مَالك وَسمع مِنْهُ وَمن غَيره ودرَّس وَأفْتى وصنَّف فِي الْمَذْهَب وانتفع بِهِ أهل الصَّعِيد وَكَانَ شيخ تِلْكَ الديار تفقَّه عَلَيْهِ وَلَده وَغَيره وَكَانَ جَامعا لفنون من الْعلم مَعْرُوفا بالصلاح وَالدّين معظَّماً عِنْد الخاصَّة والعامَّة مطّرحاً للتكلُّف كثير السَّعْي فِي قَضَاء حوائج النَّاس على سمت السَّلف ارتحل النَّاس إِلَيْهِ من الأقطار وتخرَّجوا بِهِ وبرعوا فِي الْفَضَائِل

ولمَّا بنى النجيب بن هبة القوصي مدرسته بقوص أَشَارَ عَلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو الْحسن بن الصبَّاغ أَن)

يحضر إِلَيْهَا الشَّيْخ مجد الدّين فَأحْضرهُ وَجرى بِسَبَبِهِ من الْخَيْر وَمن الْعلم مَا جرى بقوص

وَسمع على الشَّيْخ بهاء الدّين ابْن بنت الجُمَّيزي وَعنهُ أَخذ الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وحدَّث عَن شَيْخه الْمَقْدِسِي وَعَن أبي رَوح عبد المُعزّ بن مُحَمَّد بن أبي الْفضل الْأنْصَارِيّ وحدَّث عَنهُ ولداه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَالشَّيْخ سراج الدّين مُوسَى وتلميذه الشَّيْخ بهاء الدّين القِفطي والحافظ مَنْصُور بن سليم والحافظ عبد الْمُؤمن الدمياطي وقاضي الْقُضَاة ابْن جمَاعَة وَالشَّيْخ تَاج الدّين مُحَمَّد بن الدشناوي وَالشَّيْخ المعمّر أَبُو معِين أَحْمد بن التقيّ عبيد وَغَيرهم

قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأُدْفوي حكى لي تَقِيّ الدّين عبد الْملك الأرمنتي أَن شَيْخه مجد الدّين مرَّ وتقيّ الدّين عبد الْملك هَذَا مَعَه فَرَأى كلبةً قد ولدت وَمَاتَتْ فَقَالَ يَا تقيُّ هَات هَذِه السجَّادة فَحمل الجراء وَجعلهَا فِي مَكَان قريب ورتَّب لَهَا لَبَنًا يسقيها حتَّى كَبرت وَذكر لَهُ وقائع من هَذَا النَّوْع

وَكَانَ يمشي بِنَفسِهِ فِي قَضَاء حوائج النَّاس قَالَ حكى أَصْحَابنَا أنَّه كَانَ عِنْده شخصٌ يُشفق عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه يَا سَيِّدي هَذَا فِيهِ قلَّة دين لينقّصه عِنْده فَقَالَ الشَّيْخ لَا حول وَلَا قوَّة إلَاّ بِاللَّه العليّ الْعَظِيم كنَّا نشفق عَلَيْهِ من جِهَة الدُّنْيَا صرنا نشفق عَلَيْهِ من جِهَة الدّين

قَالَ وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يسْعَى لطلبته على قدر استحقاقهم فَمن يصلح للْحكم سعى لَهُ فِيهِ وَمن يصلح للتعديل سعى لَهُ فِيهِ وَإِن لم يصلح سعى لَهُ فِي إِمَامَة أَو فِي شغل وإلاّ أَخذ لَهُ على السهمين راتباً حتَّى جَاءَهُ بعض النَّاس وشكا لَهُ ضَرُورَة فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ قصَّة للْقَاضِي وَأَنا أتحدَّث مَعَه فَكتب الْمَمْلُوك فلَان يقبِّل الأَرض ويُنهي أنَّ الْمَمْلُوك فَقير مضرور وَكتب مضرور بالظاء وَقَلِيل الْحَظ وَكتبه بالضاد وناولها للشَّيْخ فتبسَّم وَقَالَ يَا فقيهُ ضرّك قَائِم وحظُّك سَاقِط

قَالَ وَكَانَ فِيهِ مَعَ تورُّعه وتقشُّفه بسطة جَاءَهُ بعض الطّلبَة وَقَالَ يَا سَيِّدي هَؤُلَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>