وكتبتُ إِلَيْهِ وَهُوَ بِدِمَشْق وَأَنا بصفد
(إنَّ عَيْني مذ غابَ شخصك عَنْهَا ... يَأْمر السُّهْدُ فِي كراها ويَنْهَى)
(بدموعٍ كأَنهنّ الغوادي ... لَا تسلْ مَا جرى على الخدِّ مِنْهَا)
وكتبتُ إِلَيْهِ وَهُوَ بغزَّة مَعَ غلامٍ حَسَن الْوَجْه
(يَا نازحاً صَوَّرْتُه فِي خاطري ... فَرُميتُ للتصوير بالنّيرانِ)
(إِن لم يُبَلِّغْكَ النسيمُ تحيَّتي ... فَلَقَد أتاكَ بهَا قضيبُ البانِ)
وكتبتُ إِلَيْهِ وَقد تأخَّرت مكاتباته عنِّي وَهُوَ بِدِمَشْق
(يَا بارقاً سَالَ فِي عطف الدُّجى ذَهَبا ... أَذكرتَني زَمنا فِي جِلِّقٍ ذَهَبا)
(لَئِن حكيتَ فُؤَادِي فِي تَلَهُّبه ... فلست تحكيه لَا وجدا وَلَا حَرَبا)
(وَيَا نسيماً سرى والليلُ معتكرٌ ... وَهَبَّ وهْناً إِلَى أَن هزَّني طَرَبا)
(أراكَ تنفحُ عِطراً فِي صَباك فَهَل ... تركتَ ذيلاً على جَيْرُونَ مُنْسَحِبا)
(أم قد تحمَّلْتَ من صبحي تحيَّتَهم ... فَكَانَ ذَلِك فِي طيب الصَّبا سَببا)
(قومٌ عهدتُ الوفاءَ المحضَ شيمتَهم ... وَإِن شكَكْتَ سَلِ العلياء والأدبا)
(صرفتُ إِلَاّ عِناني عَن محبَّتهم ... وبِتُّ نِضواً خليفَ الشوق مكتئبا)
(لَا الدَّار تدنُو وَلَا السُّلوان يُنجدني ... وعزَّ ذَلِك مَطْلُوبا إِذا طُلبا)
(أحبابَنا إِن وَنَتْ عنِّي رسائلكم ... فلستُ أسألُ إِلَاّ الْفضل والحسبا)
(وحياتكم مَا لنَفْسي عنكُمُ بدلٌ ... كلاّ وَلَا اتَّخذتْ فِي غَيْركُمْ أرَبا)
)
(أُعيذُ ودَّكم من أَن يغيِّرهُ ... نأيٌ وَلَا جُرِّدَتْ من دون ذَاك ظُبَى)
(لعلَّ دهراً قضى بالبعد يجمعنا ... وقلَّما جاد دهرٌ بالَّذي سلبا)
(أرْضى بِحكم زماني وَهُوَ يظلمني ... فِيكُم وأجني ببعدي عَنْكُم التعبا)
(وَلنْ يُظَفِّرَني إِلَاّ بودَّكُمُ ... يَا حيرتي فيكمُ إِن ردَّ مَا وهبا)
(نسيتموني وَلم أَعتدْ سوى كَرَمٍ ... مِنْكُم يُبَوِّئُني من فَضلكُمْ رُتَبا)
(حاشاكمُ أَن تَرَوْا هجري بِلَا سَبَب ... أَو تجْعَلُوا الْبَين فِيمَا بَيْننَا حُجُبا)
(عاقبتموني وَلَا ذنبٌ أتيتُ بِهِ ... فَقُلْ عَن الصخر إِذْ يقسو وَلَا عجبا)
(عودوا إِلَى جبر كسري لَا فُجِعْتُ بكم ... فقد لقيتُ ببعدي عنكمُ نصبا)