للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُؤمنِينَ يَقُول لَك إِنِّي أَمرتك أَن تصدقني عَن)

أَمْوَالكُم فَزَعَمت أَنَّك قد فعلت وَقد صَحَّ عِنْدِي أَنَّك قد بقيت لَك مَالا كثيرا وَقد أَمرنِي إِن لم تطلعني على المَال أَن أضربك مِائَتي سَوط وَأرى لَك أَن لَا تُؤثر مَالك على نَفسك

فَقَالَ وَالله مَا كذبت قطّ فِيمَا أخْبرت وَلَو خيرت بَين الْخُرُوج من ملك الدُّنْيَا وَأَن أضْرب سَوْطًا وَاحِدًا لاخترت الْخُرُوج من الدُّنْيَا وأمير الْمُؤمنِينَ يعلم بذلك وَأَنت تعلم أَنا كُنَّا نصون أعراضنا بِأَمْوَالِنَا

فَأخْرج مسرور أسواطاً كَانَت مَعَه فِي منديل فَضَربهُ مِائَتي سَوط وَتَوَلَّى ضربه الخدم فضربوه اشد الضَّرْب وهم لَا يحسنون الضَّرْب فكادوا يتلفونه

وَكَانَ هُنَاكَ رجل بَصِير بالعلاج فطلبوه لمعالجته فَقَالَ يكون قد ضربوه خمسين سَوْطًا فَقيل لَهُ بل مِائَتي سَوط فَقَالَ مَا هَذَا إِلَّا أثر خمسين سَوْطًا لَا غير وَلَكِن يحْتَاج أَن ينَام على ظَهره على بَارِية وأدوس صَدره فجزع الْفضل من ذَلِك ثمَّ أجَاب إِلَيْهِ فألقه على ظَهره وداسه ثمَّ أَخذ بِيَدِهِ وجذبه عَن البارية فَتعلق بهَا من لحم ظَهره شَيْء كثير ثمَّ اقبل يعالجه إِلَى أَن نظر يَوْمًا إِلَى ظَهره فَخر المعالج سَاجِدا فَقيل لَهُ مَا بالك قَالَ قد برِئ وَنبت فِي ظَهره لحم حَيّ ثمَّ قَالَ أَلَسْت قد قلت هَذَا قد ضرب خمسين سَوْطًا أما وَالله لَو ضرب ألف سَوط مَا كَانَ أَثَره بأشد من هَذَا وَإِنَّمَا قلت ذَلِك لتقوى نَفسه فيعينني على علاجه

ثمَّ إِن الْفضل اقْترض من بعض أَصْحَابه عشرَة آلَاف دِرْهَم وسيرها إِلَيْهِ فَردهَا عَلَيْهِ فَاعْتقد أَنه استقلها فاقترض عَلَيْهَا عشرَة أطلاف دِرْهَم أُخْرَى وسرها فَأبى أَن يَأْخُذهَا وَقَالَ مَا كنت لآخذ على معالجة رجل من الْكِرَام أُجْرَة وَالله لَو كَانَت عشْرين ألف دِينَار مَا قلتهَا فَلَمَّا بلغ ذَلِك الْفضل قَالَ وَالله إِن الَّذِي فعله هَذَا أبلغ من الَّذِي فَعَلْنَاهُ فِي جَمِيع أيامنا من المكارم وَكَانَ قد بلغه أَن ذَلِك المعالج فِي شدَّة وضائقة

وَقيل إِن الْفضل مر بِعَمْرو بن جميل وَهُوَ يطعم النَّاس فَقَالَ يَنْبَغِي أَن نعين هَذَا على مروءته فَبعث إِلَيْهِ بِأَلف ألف دِرْهَم وَكَانَت عطاياه من هَذِه النِّسْبَة

وَكَانَ باراً بِأَبِيهِ وَكَانَ يحيى لَا يَسْتَطِيع أَن يشرب المَاء الْبَارِد فِي السجْن وَكَانَ الْفضل يدع آنِية المَاء فِي عبه دَائِما ليسخن المَاء لأجل وَالِده

وَلما نقل الْفضل بعد وَفَاة أَبِيه يحيى من محبس إِلَى محبس وجد فِي ثني مُصَلَّاهُ رقْعَة فِيهَا مَكْتُوب)

(إِن العزاء على مَا فَاتَ صَاحبه ... فِي راحةٍ من عناء النَّفس والتعب)

<<  <  ج: ص:  >  >>