فَقلت من نظر شفه وأرقه فَقَالَت وَكَانَ مبدا هَوَاهُ من نظره
ثمَّ شغلت هنيهة وَقَالَت
(لَوْلَا الْأَمَانِي لمات من كمدٍ ... مر اللَّيَالِي يزِيد فِي فكره)
(لَيْسَ لَهُ مسعدٌ يساعده ... بِاللَّيْلِ فِي طوله وَفِي قصره)
وَمن شعرهَا قد بدا شبهك يَا مولَايَ يَحْدُو بالظلام فانتبه نقض لبانات اعتناق والتثام قبل أَن تفضحنا عودة أَرْوَاح النيام وَألقى عَلَيْهَا يَوْمًا أَبُو دالف الْعجلِيّ
(قَالُوا عشقت صَغِيرَة فأجبتهم ... أشهى الْمطِي إِلَيّ مَا لم يركب)
(كم بَين حَبَّة لؤلؤٍ مثقوبة ... من بَين حَبَّة لؤلؤٍ لم تثقب)
فَقَالَت تجيبه
(إِن المطية لَا يلذ ركُوبهَا ... مَا لم تذلل بالزمام وتركب)
(وَالْحب لَيْسَ بنافعٍ أربابه ... مَا لم يؤلف بالنظام ويثقب)
وَقَالَ عَليّ بن الجهم كنت يَوْمًا عِنْد الْفضل فلحظتها لَحْظَة استرابت بهَا فَقَالَت بديهةً مسرعةً وَلم تتَوَقَّف
(يَا رب رام حسنٍ تعرضه ... يَرْمِي وَلَا يشْعر أَنى غَرَضه)
فَقلت مجيباً لَهَا
(أَي فَتى لحظك لَيْسَ يمرضه ... وَأي عقدٍ محكمٍ لَا ينْقضه)
فَضَحكت وَقَالَت خُذ فِي غير هَذَا
وبوم أهديت إِلَى المتَوَكل قَالَ لَهَا أشاعرة أَنْت قَالَت كَذَا يزْعم من بَاعَنِي واشتراني فَضَحِك)
وَقَالَ أنشدينا شَيْئا من شعرك فَأَنْشَدته
(اسْتقْبل الْملك إِمَام الْهدى ... عَام ثلاثٍ وثلاثينا)
(خلَافَة أفضت إِلَى جعفرٍ ... وَهُوَ ابْن سبعٍ بعد عشرينا)