وَمِنْه فِي الخيري
(يَا طيب رائحةٍ من نفحة الخيري ... إِذا تمزق جِلْبَاب الدياجير)
(كَأَنَّمَا رش بالماورد واغتبقت ... بِهِ دواخن ند عِنْد تبخير)
(كَأَن أوراقه فِي الْقد أجنحةٌ ... حمرٌ وصفر وبيضٌ من دَنَانِير)
وَمِنْه
(لَيْسَ شرب الراح إِلَّا فِي الْمَطَر ... وغناءٌ من جوارٍ فِي السحر)
(غانياتٌ سالباتٌ للنهى ... ناغماتٌ فِي تضاعيف الْوتر)
(مبرزات الكأس من مطْلعهَا ... ساقيات الراح من فاق الْبشر)
(عضد الدولة وَابْن ركنها ... ملك الْأَمْلَاك غلاب الْقدر)
وَلم يفلح من بعد هَذَا الْبَيْت
وَلما احْتضرَ لم ينْطق إِلَّا بِتِلَاوَة مَا أغْنى عني ماليه هلك عني سلطانيه وَيُقَال إِنَّه مَا عَاشَ بعد هَذِه الأبيات إِلَّا قَلِيلا وَتُوفِّي بعلة الصرع يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وثلاثمائة بِبَغْدَاد وَدفن بدار الْملك ثمَّ نقل تابوته إِلَى الْكُوفَة وَدفن بمشهد عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وعمره سبع وَأَرْبَعُونَ سنة وَأحد عشر شهرا وَثَلَاثَة أَيَّام
والبيمارستان العضدي بِبَغْدَاد مَنْسُوب إِلَيْهِ أعد لَهُ من الْآلَات مَا يقصر الشَّرْح عَنهُ
وَهُوَ الَّذِي أظهر قبر عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه بِالْكُوفَةِ وَبنى عَلَيْهِ المشهد وعزم عَلَيْهِ أَمْوَالًا عَظِيمَة
وَلما ملك الأهواز وَالْبَصْرَة وواسط توجه إِلَى بَغْدَاد فَاسْتَقْبلهُ النَّاس الْخَاص وَالْعَام وَخرج)
الإِمَام الطائع لتلقيه فِي الطيار واجتمعا فِي دجلة وَدخل بَغْدَاد مجتازاً فِي قصبتها حَتَّى نزل بَاب الشماسية ثمَّ انْتقل إِلَى دَاره لتسْع ليالٍ خلون من جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسِتِّينَ وَحضر إِلَى دَار الْخلَافَة وخلع الطائع عَلَيْهِ خلع المملكة وسوره وطوقه وعهد إِلَيْهِ وَقُرِئَ الْعَهْد بِحَضْرَة الْخَلِيفَة وعقدت لَهُ الألوية وألبس التَّاج المرصع بالجواهر الثمينة وَعَاد إِلَى دَاره وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً وَكَانَ شِيعِيًّا وَله بَغْدَاد آثَار حَسَنَة
وَكَانَ فَاضلا نحوياً لَهُ مُشَاركَة فِي عدَّة فنون
ويحكى أَن عضد الدولة كَانَ قد أَمر أَبَا عَليّ النديم بملازمته وأفرد لَهُ دَارا عِنْده فَقَالَ أَبُو عَليّ إِنِّي مَا أقدر على الْإِقَامَة لِأَنِّي كثير الْأكل فَأمر حَاجِبه أَن يرتب لَهُ فِي كل يَوْم