كَانَ من أهل الْبَصْرَة وَلم يزل فِي صُحْبَة ليمان بن عَليّ وَولده
وَكَانَ سخياً متخرقاً فِي مَاله كثير الْكبر وَالْكَلَام وَكَانَ أَبوهُ شيرويه نَصْرَانِيّا فَأسلم وَكَانَ من أهل سَابُور
قدم الْبَصْرَة فَاشْترى بهَا ضيَاعًا واتصل بِولد عَليّ بن عبد الله وخاصة سُلَيْمَان بن عَليّ
وَنَشَأ ابْن الْفَيْض أديباً كَاتبا وَكَانَ من غلْمَان ابْن المقفع وَكَانَ آل سُلَيْمَان بن عَليّ يعدونه كالمولى لَهُم
قَالَ الْحسن بن وهب كَانَ النَّاس يعْجبُونَ من كبر أبي عبيد الله وعبوسه
ثمَّ ولي بعده وزارة الْمهْدي يَعْقُوب بن دَاوُد وَكَانَ أَطَأ النَّاس أَخْلَاقًا وألطفهم وَجها ثمَّ ولي)
الْفَيْض مَكَانَهُ آخر أَيَّام الْمهْدي سنتَيْن أَو نَحْوهمَا فأنسى النَّاس تيه ابْن عبيد الله حَتَّى قَالَ فِيهِ الشَّاعِر
(أَبَا جعفرٍ جئْنَاك نسْأَل نائلاً ... فأعوزنا من دون نائلك الْبشر)
(فَمَا برقتْ بالوعد مِنْك غمامة ... يُرْجَى بهَا من سيب راحتك الْقطر)
(وَلَو كنت تُعْطِينَا المنى وَزِيَادَة ... لنغصها مِنْك التتايه وَالْكبر)
وَقَالَ يحيى بن خَالِد وَذكر الْفَيْض بن أبي صَالح فَقَالَ كَانَ يعلم النَّاس الْكَرم
وَكَانَ يحيى إِذا استكثر شَيْء يكون مِنْهُ من الْجُود يَقُول فَكيف لَو رَأَيْتُمْ الْفَيْض بن أبي صَالح وَخرج الْفَيْض يَوْمًا من دَار الْخَلِيفَة وَأحمد بن الْجُنَيْد وَجَمَاعَة من الْكتاب والعمال منصرفين إِلَى مَنَازِلهمْ فِي يَوْم وَحل فَتقدم الْفَيْض وتلاه أَحْمد بن الْجُنَيْد فنضح دَابَّة الْفَيْض على ثِيَاب أَحْمد من الوحل فَقَالَ أَحْمد للفيض هَذِه وَالله مسايرة بغيضة وَلَا أَدْرِي بِأَيّ حق وَجب لَك التَّقَدُّم علينا
فَلم يجب الْفَيْض عَن ذَلِك بِشَيْء وَوجه إِلَيْهِ عِنْد مصيره إِلَى منزله بِمِائَة تخت فِي كل تخت قَمِيص وَسَرَاويل ومنطقة وطيلسان وَمَعَ كل تخت عِمَامَة أَو شاشية وَقَالَ لرَسُوله قل لَهُ وَجب لنا التَّقَدُّم عَلَيْك أَن لنا مثل هَذَا نوجه بِهِ إِلَيْك عوضا مِمَّا أفسدنا من قبائك فَإِن كَانَ لَك مثله فلك التَّقَدُّم علينا وَإِلَّا فَنحْن أَحَق بالتقدم مِنْك
وَتكلم عبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري بِحَضْرَة الْمهْدي كلَاما شهر فَاسْتَحْسَنَهُ النَّاس فَقَالَ الْفَيْض وَهُوَ إِذْ ذَاك صَاحب ديوَان والوزير أَبُو عبيد الله يصف عبيد الله بن الْحسن وتعصب لَهُ بالبلاية لِأَنَّهُمَا بصريان
(مقاربٌ فِي بعادٍ لَيْسَ صَاحبه ... يدْرِي على أَي مَا فِي نَفسه يَقع)
(فالصمت من غير عي من سجيته ... حَتَّى يرى موضعا لِلْقَوْلِ يستمع)
(لَا يُرْسل القَوْل إِلَّا فِي موَاضعه ... وَلَا يخف إِذا حل الحبا الْجزع)