والأخفش وَالنضْر وَلم يَأْتُوا بِالْأَسَانِيدِ
وَعمل أَبُو عدنان الْبَصْرِيّ كتابا أَتَى فِيهِ بِالْأَسَانِيدِ
وصنف الْمسند على حِدته وَأَحَادِيث كل رجل من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ على حِدته وأجاد تصنيفه فَرغب فِيهِ أهل الحَدِيث وَالْفِقْه واللغة لِاجْتِمَاع مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِيهِ
وَكَذَلِكَ كِتَابه فِي مَعَاني الْقُرْآن فعل مَا فعله فِي غَرِيب الحَدِيث جمع كتب الْقَوْم فَذكر مَا فِيهَا)
وَأما الْفِقْه فَإِنَّهُ عمد إِلَى مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ فتقلد أَكثر ذَلِك
وَكَانَ أَبُو عبيد مَعَ عبد الله بن طَاهِر فَبعث إِلَيْهِ أَبُو دلف يستهديه أَبَا عبيد مُدَّة شَهْرَيْن فَبَعثه فجَاء إِلَيْهِ فوصله بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم فَلم يقبلهَا وَقَالَ أَنا عِنْد رجل لم يحوجني إِلَى صلَة غَيره
فَلَمَّا عَاد إِلَى ابْن طَاهِر أعطَاهُ ثَلَاثِينَ ألف دِينَار فَقَالَ قد قبلتها أَيهَا الْأَمِير وَلَكِن قد أغنيتني بمعروفك وبرك وَقد رَأَيْت أَن أَشْتَرِي بهَا سِلَاحا وخيلاً وأوجه بهَا إِلَى الثغور ليَكُون الثَّوَاب متوفراً على الْأَمِير
وَقَالَ أَبُو عبيد عاشرت النَّاس وَكلمت أهل الْكَلَام فَمَا رَأَيْت قوما أوسخ وَلَا أَضْعَف حجَّة ن الرافضة وَلَا أَحمَق مِنْهُم
وَحكى عَنهُ البُخَارِيّ فِي أَفعَال الْعباد وَأَبُو دَاوُد فِي كتاب الزَّكَاة وَغَيره فِي تَفْسِير أَسْنَان الْإِبِل وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ بِمَكَّة وَقيل بِالْمَدِينَةِ ومولده سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة
وَذكر أَنه لما قضى حجه وعزم على الِانْصِرَاف اكترى إِلَى الْعرَاق فَرَأى فِي اللَّيْلَة الَّتِي عزم فِيهَا على الِانْصِرَاف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامه وَهُوَ جَالس وعَلى رَأسه قوم يحجبونه وناس يدْخلُونَ ويسلمون عَلَيْهِ ويصافحونه وَكلما دنا ليدْخل منع فَقَالَ لم لَا تخلون بيني وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا وَالله لَا تدخل إِلَيْهِ وَلَا تسلم عَلَيْهِ وَأَنت خَارج غَدا إِلَى الْعرَاق فَقَالَ لَهُم إِنِّي لَا أخرج غذن فَأخذُوا عَهده وخلوا بَينه وين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل وَسلم عَلَيْهِ وَصَافحهُ وَأصْبح ففسخ الكري وَسكن بِمَكَّة وَلم يزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ
وَلما وضع كتاب غَرِيب الحَدِيث عرضه على عبد الله بن طَاهِر فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ إِن عقلا بعث صَاحبه على عمل هَذَا الْكتاب حقيق أَن لَا يحوج إِلَى طلب المعاش وأجرى لَهُ كل شهر عشرَة آلَاف دِرْهَم
وَقَالَ الْهلَال بن الْعَلَاء الرقي منّ الله تَعَالَى على هَذِه الْأمة بأَرْبعَة فِي زمانهم بالشافعي تفقه فِي حَدِيث سَوَّلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبأحمد بن حَنْبَل ثَبت فِي المحنة وَلَوْلَا ذَلِك لكفر النَّاس