للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَيفَ أجيء وَقد عملت مَعَ قراسنقر مَا عملت بعد أَن كنتما مثل الروحين فِي الْجَسَد وأمس)

كَمَا خلصتما من تِلْكَ الشدَّة الَّتِي كنتما فِيهَا وظهرتما من الاختفاء وَمَا هَكَذَا النَّاس

فَقَالَ لَهُ يَا أخي اعذرني هَذَا وَالله لَو خليته روح روحي وَأَنا قد حَبسته وَمَا آذيه

فَقَالَ لَهُ الله مَا تؤذيه فَقَالَ آللَّهُ مَا أؤذيه فَقَالَ ارسم لي لروح غليه وَأطيب قلبه وأعرفه بِهَذَا فَقَالَ رح إِلَيْهِ وعرفه فراح غليه وعرفه بِهَذَا وَبكى وَحلف أنني مَا كنت أَمُوت وأعيش إِلَّا مَعَه وَإِن وَإِن فجَاء إِلَى لاجين وعرفه وَقَالَ لَهُ يَا خوند أَنْت قد قلت وَالله مَا آذيه وَأَنت مِمَّن يوثق بِيَمِينِهِ وَلَا يشك فِي دينه فَقَالَ يَا شرف الدّين وَأَزِيدك هَات الْمُصحف فَجَاءُوا بالمصحف فَقَالَ لَهُ حلفني عَلَيْهِ أنني مَا آذي قراسنقر فِي نَفسه وَلَا أمكن من يُؤْذِيه فِيهَا

فَعَاد القَاضِي شرف الدّين إِلَيْهِ وعرفه بذلك فَقَالَ السَّاعَة يَا شرف الدّين طَابَ الْحَبْس جَزَاك الله الْخَيْر

وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن قتل لاجين وَجَاءَت الْأَيَّام الناصرية فِي النّوبَة الثَّانِيَة فَأطلق وَأعْطِي الصبيبة فَبَقيَ بهَا مديدة وَنقل إِلَى نِيَابَة حماة بعد الْعَادِل كتبغا

فَلَمَّا مَاتَ الطباخي نقل قراسنقر إِلَى حلب نَائِبا وَأعْطيت حماة لقبجق

وَلم يزل قراسنقر بحلب نَائِبا إِلَى أَن خرج الْملك النَّاصِر مُحَمَّد من الكرك وَجَاء إِلَى دمشق فَحَضَرَ إِلَيْهِ فَركب السُّلْطَان لتلقيه فَالْتَقَيَا بالميدان الْكَبِير وترجل السُّلْطَان لَهُ وعانقه وَقبل صَدره وَبِه استتم أمره واستتب لَهُ الْملك

وَكَانَ ابْنه الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد هُوَ الَّذِي استمال أَبَاهُ قراسنقر للْملك النَّاصِر فشرع بذلك المظفر فَيُقَال إِنَّه سمه

وَأخذ قراسنقر فِي تَدْبِير الْملك وَالسُّلْطَان تبع لَهُ فِيمَا يرَاهُ ووعده بكفالة الممالك والنيابة الْعَامَّة بِمصْر

فَلَمَّا وصل إِلَى مصر قَالَ لَهُ الشَّام بعيد عني وَمَا يضبطه غَيْرك فَأخْرجهُ لنيابة دمشق وَقَالَ لَهُ هَذَا الجاشنكير خرج إِلَى صهيون فتمسكه وتحضر بِهِ لتنفق على الْمصلحَة فَخرج واجتهد على إمْسَاك الجاشنكير فَلَمَّا أحضرهُ إِلَى الصالحية أَتَاهُ أسندمر كرجي من مصر بمرسوم السُّلْطَان بِأَن يُسلمهُ غليه وَيتَوَجَّهُ فسلمه غليه وَتوجه إِلَى دمشق ودخلها يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشري ذِي الْقعدَة سنة تسع سَبْعمِائة وَنزل بِالْقصرِ الأبلق وَقد نفض يَده من طَاعَة السُّلْطَان فَغير أَنه حمل الْأَمر على ظَاهره وَلم يفْسد السُّلْطَان بكشف بَاطِنه)

وَأقَام بِدِمَشْق على أوفاز فَمَا حل بهَا أحمالاً وَلَا خزن بهَا غلَّة وَلَا تقيد فِيهَا لشَيْء وَأخذ فِيهَا أمره بالحزم وَجعل لَهُ مماليك بطفس ومماليك بالصنمين وعيناً ببيسان

وَكَانَ إِذا وصل أحدج من مصر مِمَّن يتَوَهَّم مِنْهُ بطقوا من بيسان بطاقة منقولة إِلَيْهِ

فَإِذا وصل الْوَاصِل من مصر إِلَى طفس تَلَقَّتْهُ مماليك قراسنقر ونوابه وَقدمُوا لَهُ مَا سأكل وَمَا يشرب ثمَّ يَأْتِي إِلَى الصنمين فيفعلون بِهِ أُولَئِكَ كَذَلِك ليشغلوه فِي كل منزلَة بِالْأَكْلِ وَالشرب والتكبيس إِلَى أَن يبلغ الْخَبَر قراسنقر وهجنه وخيله كلهَا محصلة فيستعد لما يُرِيد فعله

ثمَّ إِن الْوَاصِل من مصر إِذا أَتَى الصنمين ركب مَعَه من مماليك قراسنقر من يوصله إِلَيْهِ بِجَمِيعِ من مَعَه من المماليك والغلمان والسواقين حَتَّى لَا ينْفَرد أحد مِنْهُم بِشَيْء خشيَة من كتب تكون مَعَه

<<  <  ج: ص:  >  >>