فَوقف بظاهرها حَتَّى أخرجت مماليك قراسنقر مَا كَانَ لَهُم بهَا مِمَّا أمكنهم حمله بعد ممانعة قرطاي دون ذَلِك وركوبه بالجيش للممانعة وَلكنه لم يقدر على مدافعة مهنا بن عِيسَى
ثمَّ لم يزل يُكَاتب الأفرم حَتَّى جَاءَ هُوَ والزردكاش ومهنا يستعطف لَهُم خاطر السُّلْطَان على أَن يُعْطِيهِ البيرة وَيُعْطِي الأفرم الرحبة والمزردكاش بهنسا وَالسُّلْطَان يَقُول بل الصبيبة وعجلون والصلت
فَهموا بالْمقَام مَعَ الْعَرَب وَعمِلُوا على هَذَا وتهيأوا لإزاحة الْعذر فيهم فَلَمَّا طَالَتْ الْمدَّة بهم ضَاقَتْ أعطانهم وأعطان مماليكهم أَكثر لأَنهم لَا يلائم الْعَرَب صُحْبَة الأتراك وقشف الْبَادِيَة وخشونة عيشها وشرعوا فِي الْهَرَب
فخاف قراسنقر من الْوحدَة فَقَالَ لمهنا فِي هَذَا فَقَالَ لَهُ أَنا كنت أُرِيد أحَدثك فِي هَذَا وَلَكِن خشيت أَن تظن أَنِّي استثقلت بكم لَا وَالله وَلَكِن أَنْتُم مَا يضمكم لَا الْحَاضِرَة والمدن وَهَذَا قد تخبث لكم وَأَنْتُم يَد تخبثتم لَهُ وَمَا بَقِي إِلَّا ملك الشرق يَعْنِي السُّلْطَان خربندا وَهُوَ كَمَا اسْمَع)
ملك كريم محسن إِلَى من يجيه ويقصده فدعوني أكتب إِلَيْهِ بسببكم فوافقوه على هَذَا فَكتب لَهُم فَعَاد جَوَاب خربندا بِأَن يجهزهم إِلَيْهِ ويعدهم بِإِحْسَان فتوجهوا إِلَيْهِ فوجدوا مِنْهُ مَا أسناهم مصيبتهم وسلاهم عَن بِلَادهمْ
قَالَ حكى لي شَيخنَا وَاحِد الدَّهْر شمس الدّين الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ لما جَاءُوا أَمر السُّلْطَان خربندا الْوَزير أَن يبصر كم كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُم من مبلغ الإقطاع ليعطيهم نَظِيره فَأَعْطَاهُمْ على هَذَا الحكم
فَأعْطى قراسنقر مراغة وَأعْطى الأفرم همذان وَأعْطى الزردكاش نهاوند وتفقدهم بالإنعام حَتَّى غمرهم
وَقَالَ لقد كنت حَاضرا يَوْم وصولهم واختبرهم فِي الحَدِيث فَقَالَ عَن قراسنقر هَذَا أرجحهم عقلا لِأَنَّهُ قَالَ لكل وَاحِد مِنْهُم أيش تُرِيدُ فَقَالَ شَيْئا فَقَالَ قراسنقر مَا أُرِيد إِلَّا امْرَأَة كَبِيرَة الْقدر أَتزوّج بهَا فَقَالَ هَذَا كَلَام من يعرفنا أَنه مَا جَاءَ إِلَّا مستوطناً عندنَا وَأَنه مَا بَقِي لَهُ عودة إِلَى بِلَاده فَعظم عِنْده بِهَذَا وَأَجْلسهُ فَوق الأفرم وسنى لَهُ العطايا أَكثر مِنْهُ وزوجه بنت قطلوشاه وَسَماهُ قراسنقر لِأَن الْمغل يكْرهُونَ السوَاد ويتشاءمون بِهِ
قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين وَكَانَ خربندا وَابْنه بوسعيد يحْضرَانِ قراسنقر فِي الأطاغ والأرغة مَعَهُمَا دون الأفرم وهما من مَوَاضِع المشورة وَالْحكم
وامتد عمر قراسنقر بعد الأفرم وَوَقع عَلَيْهِ الفداوية مَرَّات وَلم يقدر الله تَعَالَى أَن ينالوا مِنْهُ شَيْئا وَمَا قدا عَلَيْهِ إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَهُوَ بِبَاب الكرباش منزل القان فَإِنَّهُم وَثبُوا عَلَيْهِ وَهُوَ بَين أُمَرَاء الْمغل فَخدش فِي سَاقه خدشاً هيناً وتكاثر المماليك والمغل على الْوَاقِع فقطعوه وَلم يتأثر قراسنقر لذَلِك
قلت قَالَ إِن الَّذِي هلك بِسَبَبِهِ من الفداوية ثَمَانُون رجلا