للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأمير عَلَاء الدّين عَليّ طبلخاناه وَفرج بِعشْرَة وتأمر لَهُ عدَّة مماليك مثل بيخان ومغلطاي وبلبان جهاركس بطبلخاناه بهادر وعبدون بعشرات

قَالَ شهَاب الدّين ابْن الضَّيْعَة النَّقِيب لما جَاءَت العساكر الحلبية مَعَ قراسنقر إِلَى دمشق سنة تسع وَسَبْعمائة كَانَ ثلث الْجَيْش يحمل رنك قراسنقر لأَنهم أَوْلَاده وَأَتْبَاعه ومماليكه وأتباعهم

وَكَانَ فِي حلب والأمراء الْحُكَّام فِي مصر مثل سلار والجاشنكير وَغَيرهمَا يخافونه ويدارونه وَلَا يخالفون أمره

وَكَانَ مَعَ هَذِه العظمة الْكَبِيرَة والسؤدد الزايد يُدَارِي بِمَالِه ويصانع حَاشِيَة السلطتان حَتَّى الْكتاب والغلمان فَيُقَال لَهُ فِي ذَلِك فَيَقُول مَا يعرف الْإِنْسَان كَيفَ تَدور الدَّوَائِر وَوَاحِد من هَؤُلَاءِ يَجِيء لَهُ وَقت تفلح مِنْهُ كلمة تعمر ألف بَيت وتخرب ألف بَيت

وَكَانَ يرى أَخذ الْأَمْوَال وَلَا يرى إهراق الدِّمَاء فحقن الله دَمه وأهذب مَاله

قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين حكى لي الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عمر الْأنْصَارِيّ الصُّوفِي قَالَ كَانَ ابْن عبود إِذا عمل المولد الشريف النَّبَوِيّ حضر إِلَيْهِ الْأُمَرَاء وَسَائِر النَّاس فَعمل المولد مرّة فِي سنة من السنين فحضره قراسنقر وَكَانَ فِي المولد رجل صَالح مغربي يعرف بالمراكشي فَلَمَّا مدت الأسمطة قَامَ قراسنقر وَقلع سَيْفه وتشمر وَمد السماط الْمُخْتَص بالفقراء وَقدم بِيَدِهِ الطَّعَام وَشرع يقطع المشوي لَهُم وَلَا يدع أحدا يتَوَلَّى خدمتهم سواهُ فَقَالَ المراكشي من هَذَا قَالُوا لَهُ هَذَا الْأَمِير شمس الدّين قراسنقر أَمِير كَبِير صفته نَعته ومكانته من الدولة كَبِيرَة فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يعِيش سعيداً وتنزل بِهِ فِي آخر عمره كاينة ويخلص مِنْهَا ويخلص بِسَبَبِهِ غَيره وَيسلم وَمَا يَمُوت إِلَّا على فرَاشه

وَكَانَ لَا يَأْخُذ من أحد شَيْئا إِلَّا وَيَقْضِي شغله ويفيده قدر مَا أَخذ مِنْهُ مَرَّات مضاعفة وَأَيْنَ مثله أَو من يُقَارب فعله)

حكى لي أَن شخصا من أَبنَاء الْأُمَرَاء الكبراء بحلب كَانَ يحب صَبيا اشْتهر بِهِ وَعرف بحبه فاتفق أَن ذَلِك الصَّبِي غَابَ فاتهمه أَهله بدمه وَشَكَوْهُ إِلَى الْوَالِي فَأحْضرهُ وَقَررهُ بِالضَّرْبِ وَالتَّعْلِيق فَلم يصبر وَقَالَ قتلته فألزم بِهِ وأوجع الْحَبْس على دَمه وَكَانَ بريا مِنْهُ فتحيل فِي إرْسَال شَيْء خدم بِهِ قراسنقر فَأمر أَن ينظر وَلَا يعجل عَلَيْهِ فَمَا مَضَت مُدَّة حَتَّى جَاءَ كتاب نَائِب البيرة يخبر بِأَنَّهُ قد أنكر على صبي من أَبنَاء النِّعْمَة مَعَ جمَاعَة من الْفُقَرَاء قصدُوا الدُّخُول إِلَى ماردين وَأَنه رده إِلَى حلب ليحقق أمره

فَلَمَّا جَاءَ إِذا بِهِ ذَلِك الصَّبِي بِعَيْنِه وَظَهَرت بَرَاءَة الْمُتَّهم بِهِ وخلي سَبيله وغفل عَنهُ قراسنقر مُدَّة لَا يذكرهُ إِلَى أَن مَاتَ أَمِير بحلب وَخلف نعمى طائلة وَلَا وَارِث لَهُ

فَلَمَّا أَتَاهُ وَكيل بَيت المَال والديوان يستأذنونه فِي الحوطة عَلَيْهِ فَقَالَ هَذَا مَال كثير اريد وَاحِدًا من جهتي يكون مَعكُمْ وَطلب ذَلِك الرجل وَأمره أَن يكون مَعَهم فَحصل من تِلْكَ التَّرِكَة محصولاً جيدا وَعمل بِهِ ذَهَبا أَضْعَاف مَا أعْطى قراسنقر أَولا وأتى

<<  <  ج: ص:  >  >>