(فقُل لَهُ لَا أقالَ اللهُ عَثرَتهُ ... وَلَا سَقَته بَنانُ العارضِ الهَطِل)
(أَبغَضت بالطَّبع أُمَّ الْمُؤمنِينَ وَلم ... تُجِيب أَبَاهَا فهذي وقعةُ الْجمل)
وَهَذَا دَلِيل على أَن ابنَ سناء الْملك كَانَ شيعيّاً وَقَالَ ابْن سناء الْملك
(قيل لي قد هجاك ظُلماً عَليٌّ ... قلتُ عُذراً لِلَمِ ذَاك اللئيمِ)
(مستحيلٌ أَن لَا يكون هجائي ... وَهوَ مُغرىً بهَجوِ كلِّ عَظِيم)
وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول ابْن القيسراني
(يَا ابنَ مُنيرٍ هَجُوتَ منّي ... حَبراً أَفَادَ الورَى صوابَه)
(وَلم تُضيِّق بِذَاكَ صَدري ... لأنّ لي أسوةُ الصحابَه)
وَقد قيل فِي ابْن سناء الْملك ايضاً
(أبغضتَ كلَّ أبي بكرٍ وَمَا ... تَرِبت إلاّ يداك بذا حَتَّى ابْن أيّوب)
وَلما نظم ابْن سناء الْملك قصيدتَهُ الَّتِي امتدح بهَا تورانشاه أَخا صَلَاح الدّين وأولّها
(تقنّعتُ لَكِنْ بالحَبيب المعمَّمِ ... وفارَقتُ لكِن كلَّ عَيشٍ مُذَمَّم)
تعصّب عَلَيْهِ شعراء الديار المصرية وهجّنوا هَذَا الِافْتِتَاح وَكتب إِلَيْهِ الْوَجِيه ابْن الذَرَوي
(قل للسعيد مقالَ من هُوَ مُعجَبٌ ... مِنْهُ بكلِّ بديعةٍ مَا أَعجبا)
(لقصيدك الفضلُ المُبينُ وإنمّا ... شعراؤنا جهِلوا بِهِ المُستغرَبا)
(عابوا التقنُّعَ بالحبيب وَلَو رأى الطّ ... ائيُّ مَا قد حُكتَهُ لتعصَّبا)
فَقَالَ ابْن المنجّم
(ذَرَويُّنا قَتَلتهُ قِلةُ عقلِهِ ... فِي نَصرِ بيتٍ شائعٍ عَن ضِفدعِ)
(شيءٌ من الشّعْر الركيك رَويتَهُ ... لمخنثَينِ معصَّبٍ ومقنَّع)
قلت لقد تحامل عَلَيْهِ من هجّنه وتعَنَّتَ من قبَّحهُ وَلَكِن هَذَا من الْحَسَد الَّذِي جُبِلَت عَلَيْهِ الطِباع الرَّديئَة لِأَنَّهُ قَالَ تقنَّعتُ من القناعة ورَشَّحه بالمعمّم فَصَارَ من التقنُّع بالقِناع وَأَشَارَ بقوله الحبيب المعمّم إِلَى قَول أبي الطيِّب
(وَلَو أنّ مَا بِي من حَبيبٍ مقنَّعِ ... عَذرتُ ولكِن من حبيبٍ معمّمِ)
)
وَكَذَلِكَ تَعَنَّتَ شرف الدّين عَليّ بن جُبارة على ابْن سيناء الْملك وعلّق على شعره مجلدةً