للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كأس الصُروف صِرفاً وَلَا تُرسِل إِلَيْهِ من الهموم صِنفاً إِلَّا كَفّتْ عَنهُ صَفاً وَلَا تُبكي لَهُ عينا إِلَّا تضحك لَهُ سِناً وَلَا تُذيقه خوفًا إِلَّا تتبعه أَمناً وَكَانَ يَذمها تَارَة ويشكرها أُخْرَى وتُنسيه مرَارَة الْبلوى مَا يذوقه من حلاوة النعماء ثمَّ رَآهَا فِي هَذَا الْوَقْت قد استحالت مَعَه حالتَها وانتقضت عَلَيْهِ عَادَتهَا وجاءَته بعددِ الرَمل عربدة والحصَى قوقلة والقطر أخلافاً متلونة كَأَنَّهَا سِهَام مُرسلة وسَقته من تسنيم عينا يشرَب بهَا المقرّبون من المصائب صِرفاً بِلَا مِزاج ومدّت عَلَيْهِ من ظَلالها لَيْلًا يُهتدى فِيهِ بشِهابٍ وَلَا يُمشى فِيهِ بسِراج وَمَا قنعت لَهُ لوالد الْمَمْلُوك التوجّه إِلَى الْبَيْت الْحَرَام وَجَعَلته مُغرَماً بِالسَّفرِ إِلَيْهِ أتمَّ إِلَيْهِ غَرامٍ

(مَا أنصفتني الحادثاتُ رمَيتَني ... بمُفارقينِ وَلَيْسَ لي قَلبان)

وَكم رقّقه الْمَمْلُوك وحنَّته وأوضح لَهُ الغَلطَ الدُنيوَيَّ وبينَّه وأعلمه أَنه يُذيقه اليُتم وَإِن فارقَ سنَّ الحُدوثة وقارَبَ سِنَّ الكَهل وَذكره أَن الكِرش منثورةٌ والعاملة كثيرةٌ والكلفة كبيرةٌ والذُّرِّيَّة الضعيفة الَّتِي كَانَ ذَلِك الشيخُ رَحمَه الله يَتَّقِي الله خوفًا عَلَيْهَا قد أسندها إِلَيْهِ وصيرّها فِي يَدَيْهِ وتوكل بعد الله فِيهَا عَلَيْهِ وَأَن الوِزرَ بتضييعها رُبمَا أحبط الأَجر وضيعه وَعكس الأمل وقطعه وأسهب الأصدقاء فِي هَذَا الْمَعْنى وأطنبوا وخلجوا بالعذل وأجلبوا فَمَا زَاده التسكين إِلَّا نَبوة وَلَا الترقيقُ إِلَّا قَسوة وَلَا التحنين إِلَّا جفوة وَلَا العذل إِلَّا تصميماً على السّفر وَلَا التفنيد إِلَّا اعتزاماً على ركُوب الْغرَر وَإِن توَلّوا فَقُل حَسبيَ الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلتُ وهوربّ الْعَرْش الْعَظِيم وَفِي بَقَاء مَوْلَانَا أدام الله دولته وَوُجُود جُوده مَا يُغني الْمَمْلُوك عَن الْآبَاء قربوا أَو بُعدوا وراحوا أَو قعدوا قسَوا أَو حَنَوا وسخَوا أَو ضنوا لَا زَالَ جَبابُه الكريمُ كعبةً تَطوف بهَا الآمال وكنزاً يُستغنى مِنْهُ بِالْمَالِ إِلَى أَن يستغنِيَ بِهِ عَن المَال وَله أدام الله أَيَّامه فِيمَا أنهاه علوُّ رَأْيه وَفضل الْآيَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ)

(ذكرتُك واللَّحِي يعانِدُ بالعذل ... فكنتُ أَبا ذرٍّ وَكَانَ أَبا جَهلٍ)

(لَهُ شاهِدا زورٍ من النُّهى ... عَلَيْك وَمن عينَك شاهدَا عَدلِ)

(حبيبةُ هَذَا القلبِ من قبلِ خلقِه ... يحبُّك قلبِي قبلَ خلقِك مِن قَبلي)

(رأَيتُ مُحياً منكِ تحتَ ذوائبٍ ... فأجلستُ طرفِي مِنْك فِي الشَّمسِ والظِّل)

(أَلا فارفَعِي ذَا الشَّعرَ عَنهُ فَإِنَّهُ ... أغارُ عَلَيْهِ من مُداعبة الحِجلِ)

(إِذا نَشَبَ الخلخالُ فِيهِ فإنَّه ... يعانِقُه والخِلُّ يصبو إِلَى الخِلِّ)

(عجِبتُ لَهُ إِذْ يَطمئنّ مُعانقاً ... أّما أَذهلَ الخلخالَ خوفُ بني ذُهل)

(بشوك القَنا يحمُون شهدَ رُضَابها ... وَلَا بُدَّ دون الشَّهد من إِبَر النَّحل)

<<  <  ج: ص:  >  >>