(يَا سَيِّدي وَالَّذِي مودَّتُه ... عندِيَ روحٌ يحيا بهَا الجسَدُ)
(من أمل الظّهْر استغنثُ وَهل ... يألَمُ ظهرٌ إِلَيْك يستنِدُ)
وَقَالَ أَمِين الدولة فكّرت يَوْمًا فِي الْمذَاهب فَلَمَّا نمتُ رَأَيْت من ينشدني
(أعوم فِي بحرك عَلِّي أرى ... فِيهِ لِما أطلبُه قَعرا)
(فَمَا أرى فِيهِ سِوى موجةٍ ... تدفَعني عَنْهَا إِلَى أُخرى)
وَكَانَ إِذا حضر أحدٌ من الطّلبَة لحانٌ أسلمه إِلَى نحوي يُقرئه النَّحْو وللنحوي عَلَيْهِ مَقَّدر من مَاله وَكَانَ ظَاهر دَاره يَلِي الْمدرسَة النظامية فَإِذا مرض فِيهَا ففقيهٌ نَقله إِلَى دَاره وعالجه وَإِذا أبل وهبه دينارين وَله من الْكتب كتاب القَراباذين وَهُوَ مَشْهُور وَآخر اسْمه الموجز صَغِير وَاخْتِيَار كتاب الْحَاوِي واختصار شرح جالينوس لفصول بقراط شرح مسَائِل حنين كُناش مُخْتَصر الْحَوَاشِي على القانون مقَالَة فِي الفصد وَكَانَت بَينه وَبَين أوحد)
الزَّمَان الطَّبِيب الْيَهُودِيّ تنافرٌ وتنافسٌ كَمَا جرت الْعَادة بِهِ بَين أهل علم وصناعة وَلَهُمَا فِي ذَلِك مجَالِس مَشْهُورَة ثمَّ إِن أوحد الزَّمَان أسلم فِي آخر عمره وأصابه جذامٌ فعالج نَفسه بتسليط الأفاعي على جسده بعد أَن جوّعها فبالغت فِي نَهشه فبرىء من الجُذام وعَمِي فَقَالَ فِيهِ ابْن التلميذ
(لنا صديق يهوديٌّ حماقتُه ... إِذا تكلّم تبدو فِيهِ من فيهِ)
(يتيه وَالْكَلب أَعلَى مِنْهُ منزلَة ... كَأَنَّهُ بعدُ لم يخرج من التيه)
وَكَانَ ابْن التلميذ كثير التَّوَاضُع وأوحد الزَّمَان متكبِّراً فَقَالَ البديع الأسطرلابي فيهمَا
(أَبُو الْحسن الطَّبِيب ومُقتَفِيه ... أَبُو البركات فِي طَرَفَي نقيضِ)
(فَهَذَا بالتواضع فِي الثريا ... وَهَذَا بالتكبّر فِي الحضيض)
وَكَانَ ابْن التلميذ حَسَنَ السمت كثير الْوَقار حَتَّى قيل إِنَّه لم يُسمع مِنْهُ بدار الْخلَافَة مدةَ مَا تردَّد إِلَيْهَا شيءٌ من المجون سوى مرّة وَاحِدَة بِحَضْرَة المقتفي لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ راتبٌ بدار الْقَوَارِير بِبَغْدَاد فقُطع وَلم يعلم بِهِ الْخَلِيفَة فاتفق أَنه كَانَ عِنْده يَوْمًا فَلَمَّا عزم على الْقيام لم يقدر عَلَيْهِ إِلَّا بكلفة ومشقة من الكِبَر فَقَالَ لَهُ الْخَلِيفَة كبرتَ يَا حكيمُ فَقَالَ نعم يَا مَوْلَانَا وتكسّرَت قواريري وَأهل بَغْدَاد يَقُولُونَ لمن كبر تَكَسَّرَتْ قواريره فَقَالَ الْخَلِيفَة هَذَا الْحَكِيم لم أسمع مِنْهُ هزلا قطّ فاكشِفوا قضيتّه فوجدوا راتبه بدار الْقَوَارِير قد قُطع فَتقدم