أَوْلَاد المحدّثين كَانَ الْغَالِب على شعره الهجاء وثلب النَّاس وهجا الأكابر والأعيان وَكَانَ النَّاس يَتَّقُونَ لسانَه سمع الحَدِيث فِي صِباه من وَالِده وَمن أبي طَاهِر أَحْمد بن الْحسن الْكَرْخِي وَأبي الْفضل أَحْمد بن الْحسن بن خيرون وَالْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة النِّعالي وَالْحُسَيْن بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن أَيُّوب العُكبري وَغَيرهم وعُمّر وَسمع من الْحفاظ وَالْأَئِمَّة وَكَانَ عسِراً فِي الرِّوَايَة)
سيّىء الْأَخْلَاق كريهَ الملقَى عَبوساً مُبغَّضاً روى عَنهُ ابْن الْأَخْضَر وَأَبُو الْفتُوح بن الحُصري وثابت بن مُشرَّفٍ الْأَزجيّ وُلد سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَخمسين وَخَمْسمِائة وَكَانَ حَاضر الْجَواب وَيعرف الطبّ والكحل وَهُوَ الَّذِي شهّر الحيص بَيص بِهَذَا اللقب وَمن شعره
(يَا باعثاً طيفَه مِثَالا ... مَا لكَ فِي الْحسن من مِثَال)
(وَإِنَّمَا كَانَ ذَاك عِشقا ... بعث خيال إِلَى خيال)
وَمن شعره
(ومُدامة مَرَحَت وَقد مُزِجَت لمن ... شربَ العُقار فسادَه بصلاحه)
(يستنفذ الهموم من يَد فكره ... قَسراً فروحٍ مُديمها فِي راحه)
(لم يحتجّ الساقي عَشِيَّة صبها ... فِي كأسه لَيْلًا إِلَى مِصباحه)
(فَصباحه كمسائه سُكراً بهَا ... ومساؤه من نورها كصباحه)
(وقداحُهُ قد فَازَ حِين أراقَها ... من لهوِه إِلَّا بِريقٍ فِي أقداحِه)
وَمِنْه
(يَا من هجرت فَمَا تُبالي ... هَل ترجع دولة الوِصال)
(مَا أطمعُ يَا عَذابَ قلبِي ... أَن ينعَم فِي هَوَاك بالي)
(الطرفُ كَمَا عهدتَّ باكٍ ... والجسمُ كَمَا ترَاهُ بالي)
(مَا ضرَّك أَن تعلِّليني ... فِي الوَصلِ بموعد مُحال)
(أهَواكِ وأنتِ حَظُّ غَيْرِي ... يَا قاتلتي فَمَا احتيالي)
وَكَانَت لِابْنِ الْقطَّان مَعَ الحيص بيص وقائع وَله فِيهِ أهاجِيّ خرج الحيص بيص لَيْلَة من دَار الْوَزير شرف الدّين ابي الْحسن عَليّ بن طرادٍ الزَّيْنَبِي فنبح عَلَيْهِ جَروُ كلبٍ وَكَانَ متقلّداً سَيْفا فوكزه بعَقب السَّيْف فَمَاتَ فَبلغ ذَلِك ابْن الْفضل الْمَذْكُور فنظم أبياتاً وكتبها فِي ورقة وعلقها فِي عنق كلبة لَهَا أجرٍ ورتب مَعهَا من طَردَها وَأَوْلَادهَا إِلَى بَاب دَار الْوَزير كالمستغيثة فاُخذتِ الورقة من عُنقها وعُرِضَت على الْوَزير فَإِذا هِيَ
(يَا أهل بَغْدَاد إنّ الحيصَ بيصَ أَتَى ... بفعلة أكسبته الخِزي فِي البلدِ)