للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَفْرَاد الْكتاب وَالشعرَاء على حلاوة عشرتها وسهولة حجابها مرّت يَوْمًا بالوزير أبي عَامر بن عَبدُوس وَهُوَ جالسٌ أمامَ بركةٍ تتولد من كَثْرَة الأمطار ويسيل مِنْهَا شَيْء من الأوساخ والأقذار فوقفَت أَمَامه وَقَالَت بيتَ أبي نواسٍ فِي الخصيب وَالِي مصر

(أَنْت الخصيبُ وَهَذِه مصرُ ... فتَدَفّقَا فكلاكما بحرُ)

فتركته لَا يحير جَوَابا وَلَا يَهْتَدِي صَوَابا وَطَالَ عمرها وَعمر أبي عَامر الْمَذْكُور حَتَّى أربيا على الثَّمَانِينَ وَلم يدَعا المواصلة وَلَا المراسلة وَكَانَت أَولا تهوَى الْوَزير ابْن زيدون ثمَّ مَالَتْ عَنهُ إِلَى الْوَزير أبي عَامر ابْن عَبدُوس وَكَانَ يلقَب بالفأر وَفِي ذَلِك يَقُول ابْن زيدون

(أكرِم بولادةٍ علقاً لمعتَلقٍ ... لَو فَرَّقت بَين بَيطارٍ وعطّارِ)

(قَالُوا أَبُو عامرٍ أضحَى يلمُّ بهَا ... قلتُ الفَراشةُ قد تَدْنُو من النَّار)

(أكلٌ شهِيٌ أصَبنا من أطايِبِهِ ... بَعْضًا صَفَحنا عَنهُ للفأر)

وفيهَا أَيْضا من قِطْعَة

(قد عَلِقنا سِواكِ عِلقاً نفيساً ... وصَرَفنا عنكِ النفوسا)

(ولبسنا الجديدَ من خُلَعِ الح ... بّ ولَم نَألُ أَن خلعنا اللَّبِيسا)

(لَيْسَ مِنْك الْهوى وَلَا أَنْت مِنْهُ ... أهبطي مصرَ أنتِ من قومِ مُوسَى)

أَشَارَ ابْن زيدون إِلَى قَول أبي نواسٍ

(أتيت فؤادها أَشْكُو إِلَيْهِ ... فَلم أخلُص إِلَيْهِ من الزّحامِ)

(فيا مَن لَيْسَ يكفيها خليلٌ ... وَلَا ألَفا خليلِ كل عَام)

(أَظُنك من بقيةِ قوم مُوسَى ... فهم لَا يصبِرون على طَعَام)

وَكتب أبن زيدون إِلَى أبي عبد الله البَطليوسي وَقد بلغه اتِّصَاله بولاّدة وَهِي طويلةٌ جيّدة

(أَبَا عبدِ الْإِلَه اسمَع ... وخُذ بمقالتي أَو دَع)

(وأنقِص بعدَها أَو زِد ... وطِر فِي إثرِها أَو قَع)

(ألم تعلم بأنّ الده ... رَ يُعطي بعد مَا يمْنَع)

)

(وَكم ضرَّ امْرأ أمرٌ ... توهَّمَ أَنه ينفع)

(فإنّ قُصارَك الدّهلي ... زُ حَيْثُ سواك فِي المضجع)

وَكَانَت ولادَة تلقِّب ابْن زيدونَ بالمسدّس وَفِيه تَقول

<<  <  ج: ص:  >  >>