وَعَاد إِلَى مراكش وَلما وصل إِلَيْهَا أَمر باتخاذ الأحواض والروايا وآلات السّفر إِلَى بِلَاد أفريقية فَاجْتمع إِلَيْهِ مَشَايِخ الْمُوَحِّدين وَقَالُوا قد طَالَتْ غيبتنا بالأندلس فمنا من لَهُ خمس سِنِين وَمن لَهُ ثَلَاث سِنِين فأنعم علينا بالمهلة هَذَا الْعَام وَتَكون الْحَرَكَة أول سنة خمس وَتِسْعين فأجابهم
وانتقل إِلَى مَدِينَة سلا وَشَاهد فِيهَا من المتنزهات الْمعدة لَهَا وَكَانَ قد بنى بِالْمَدِينَةِ الْمَذْكُورَة قَرِيبا مِنْهَا مَدِينَة سَمَّاهَا رِبَاط الْفَتْح عمل هَيْئَة الْإسْكَنْدَريَّة وبناها على الْبَحْر الْمُحِيط وَهِي على نهر سلا مُقَابلَة من الْبر القبلي وتنزه فِيهَا وَعَاد إِلَى مراكش
ثمَّ إِن النَّاس اخْتلفُوا فِي أمره من هُنَا فَقَالُوا إِنَّه ترك مَا كَانَ فِيهِ وتجرد وساح فِي الأَرْض وانْتهى إِلَى بِلَاد الشرق وَهُوَ مستخف لَا يعرف
وَمَات خاملا وَيُقَال إِن قَبره بِالْقربِ من المجدل قَرْيَة من الْبِقَاع العزيزي عِنْد قَرْيَة يُقَال لَهَا حمارة وَإِلَى جَانبهَا مشْهد يعرف بِقَبْر الْأَمِير يَعْقُوب ملك الغرب كل أهل تِلْكَ النواحي متفقون على ذَلِك
وَقَالُوا مَاتَ بِمَدِينَة سلا فِي غرَّة جُمَادَى الأولى وَقيل شهر ربيع الآخر فِي سَابِع عشرَة وَقيل فِي غرَّة صفر سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة بمراكش
ومولده سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَأمر أَن يدْفن على قَارِعَة الطَّرِيق لترحم النَّاس عَلَيْهِ