وسجستان وبلاد مَا وَرَاء النَّهر وَسمع هُنَاكَ الْكثير وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ وَحصل الْأُصُول والكتب الْكَثِيرَة قَالَ ابْن النجار وَكَانَ حسن الْمعرفَة سريع الْقَلَم وافر الهمة شَدِيد الْحِرْص جيد الطّلب ولد سنة تسع وَعشْرين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَلم يكن فِي زَمَانه وَلَا من أقرانه أَكثر طلبا مِنْهُ وَلَا أطول سفرا وَلَا أَكثر تحصيلا جمع وَخرج وَحدث باليسير لِأَنَّهُ توفّي فِي سنّ الكهولة وَكَانَ فَاضلا ثِقَة صَدُوقًا حسن الْمعرفَة بِالْحَدِيثِ نفذ رَسُولا من الدِّيوَان إِلَى بِلَاد الرّوم وَغَيرهَا وَتَوَلَّى مشيخة رِبَاط أم الْخَلِيفَة بدرب زاخي ثمَّ أعطي دَار ابْن التلميذ بسوق الْعطر وَكَانَت من الدّور الْمَذْكُورَات وَصَارَت لَهُ نعْمَة وثروة وارتفاع قدر فَأَتَاهُ حِينه فِي أحسن أَحْوَاله
٤٢ - الْحَنْبَلِيّ الغوري يُوسُف بن أَحْمد بن صَالح الغوري أَبُو الْقَاسِم الْمُقْرِئ الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْقُرْآن على أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عمر بن الحمامي وَسمع مِنْهُ وَمن أبي الْفَتْح هِلَال بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الحفار وأقرأ الْقُرْآن وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ حنبليا وَحَمَلُوهُ لما مَاتَ فِي تَابُوت لِئَلَّا يمزق مَا عَلَيْهِ من كَثْرَة اللامسين لَهُ وَدفن بِجَانِب قبر الإِمَام أَحْمد وَكَانَت جنَازَته عَظِيمَة
٤٣ - ابْن الخرزي يُوسُف بن أَحْمد بن الخرزي أَبُو طَاهِر الْبَغْدَادِيّ ولي النّظر بالمخزن والصدرية أَيَّام المستظهر بِاللَّه مُدَّة حَيَاته وَولي وَلَده المسترشد فأقره على ولَايَته مديدة ثمَّ عَزله قَالَ أَبُو الْفتُوح بن طَلْحَة صَاحب المخزن كُنَّا نخدم مَعَ المسترشد وَهُوَ ولي عهد وَكَانَ ابْن الخرزي يقصر فِي حَقه وَيقف فِي حَوَائِجه فَكتبت إِلَيْهِ ألومه وَأَقُول لَا تفعل فَيَقُول أَنا أخدم شَابًّا فِي أول عمره يُشِير إِلَى المستظهر وَمَا أُبَالِي وَكَانَ المسترشد حنقا عَلَيْهِ وَيَقُول لَئِن وليت لَأَفْعَلَنَّ بِهِ وَلَأَفْعَلَن فَلَمَّا ولي خلا بِي ابْن الخرزي وَأمْسك ذيلي وَقَالَ الصنيعة فَقلت لَهُ الْآن وَقد فعلت فِي حَقه مَا فعلت فَقَالَ انْظُر مَا تفعل فَقلت هَذَا رجل قد ولي وَلَا مَال عِنْده فاشتر نَفسك مِنْهُ بِمَال فَقَالَ كم قلت تَقْدِير عشْرين ألفا فَقَالَ وَالله مَا رَأَيْتهَا قطّ قلت لَا تفعل فَلم يقبل فَجعل عَلَيْهِ المسترشد ثمَّ بعد أَيَّام خلع عَلَيْهِ وكتبت إِلَى المسترشد أَقُول أَلَيْسَ هَذَا الَّذِي فعل كَذَا وَكَذَا فَكتب إِلَيّ {خلق الْإِنْسَان من عجل} الْأَنْبِيَاء ٢١ / ٣٧ ثمَّ عَاد وَجعل عَلَيْهِ ثمَّ تقدم بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ فأخذنا من دَاره مَا يزِيد على مائَة ألف دِينَار وأواني الذَّهَب وَالْفِضَّة ثمَّ أَخذنَا لَهُ مَمْلُوكا كَانَ يعرف بَاطِنه فضربناه فَأَوْمأ إِلَى بَيت فِي دَاره فاستخرجنا مِنْهُ