وَتَوَلَّى نظر البيمارستان المنصوري فغمره بِحسن النّظر وعمره وَأثر فِيهِ بِنَاء تلألأ بالضياء شمسه وقمره وَزَاد أوقافه ريعا وملكا ونظم در تَدْبيره الْجَمِيل سلكا وباشر الْحِسْبَة الشَّرِيفَة فَكَانَت بمعارفه أليق وأشبه وَأصْبح قدرهَا بولايته أقبل وأنبه وروع أَصْحَاب الْغِشّ بمهابته وَمَا لكل محتسب عِنْد النَّاس حسبَة إِلَى غير ذَلِك من نظر الأهراء الَّتِي ملأها حبا وصب الله البركات فِيهَا بنيته الطاهرة صبا وَنظر دَار القنود الَّتِي حلت بحَديثه فِيهَا وتميز ارتفاعها جملا تعجز واصفيها هَذَا إِلَى صدر رحيب وَخلق مَا لَهُ مشاكل وَلَا ضريب وثناء هُوَ فِي الذّكر أَبُو الطّيب وَوجه إِلَى الْقُلُوب حبيب مَكَانَهُ كعبة قصاد ومنزل رواد ومنهل الوراد وحلبة جود سبق فِيهَا حاتما هَذَا الْجواد قد تورع عَن المناصب الدِّينِيَّة وَعرضت عَلَيْهِ أيامنا وَأَيَّام والدنا الشَّهِيد فَلم يكن لَهُ فِيهَا رَغْبَة وَلَا نِيَّة وندبناه لنظر دولتنا الشَّرِيفَة ورقيناه ذرى شرفاتها المنيفة فَجعل نُجُوم أموالها أهلة وأمطر سحائبها المستهلة وَأعْرض عَنْهَا فَمَا بَاشَرَهَا إِلَّا بحلة ولوى جيده عَنْهَا واستعفى ورنق الإهمال فِي ناظره حَتَّى أعفى فأجبنا قَصده وأعفيناه وَعلمنَا تورعه فآثرنا رَاحَته إِلَّا مِمَّا استثنيناه وخبأنا لَهُ عندنَا مَا يُنَاسب مُرَاده ويوافق اجْتِهَاده ويعاضد اعْتِمَاده علما بإعراضه عَن الْعرض الْأَدْنَى وزهده فِيمَا وزره يبْقى وحطامه يفنى فَلذَلِك رسم بِالْأَمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الصَّالِحِي الْعِمَادِيّ أَن يُفَوض إِلَيْهِ نظر الجوالي بِمصْر والقاهرة والمحروستين وَالْوَجْه القبلي وَالْوَجْه البحري مُضَافا إِلَى مَا بِيَدِهِ فليباشر مَا فوض إِلَيْهِ مُبَاشرَة عهِدت من حسن اعْتِمَاده وَشهِدت من وافر اجْتِهَاده وَهُوَ بِحَمْد الله غَنِي عَن الْوَصَايَا الَّتِي تُشِير إِلَيْهَا أنامل الأقلام وتخفق بهَا من قعقعة الطروس أَعْلَام فَمَا تعلم عوَانَة فِيهَا خمرة وَلَا تطلع فِي أفق هَذَا التوقيع نجما وَلَو شَاءَ هُوَ أطلع شمس الصَّوَاب وبدره وَلَكِن تقوى الله تَعَالَى ملاك الْوَصَايَا المهمة والأمور الَّتِي إِذا راعها الْإِنْسَان لم يكن أمره عَلَيْهِ غمَّة فليجعلها لعَينه نصبا ولقربه من الله تَعَالَى قربى وَالله تَعَالَى يديم صونه ويجدد فِي كل حَال عونه والخط الشريف أَعْلَاهُ الله تَعَالَى أَعْلَاهُ حجَّة فِي ثُبُوت الْعَمَل بِمَا اقْتَضَاهُ وَالله الْمُوفق بمنه وَكَرمه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَقلت لما بلغتني وَفَاته بِالْقَاهِرَةِ رَحمَه الله تَعَالَى فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسبع مائَة // (مجزوء الرمل) //
(مَا لنا فِي بؤس علس ... عمنَا مِنْهُ الشَّقَاء)
(وعَلى الدُّنْيَا ظلام ... إِثْر مَا مَاتَ الضياء)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute