الْبَلَد وأتى إِلَى ذَلِك الرجل وَطلب الْمُصحف مِنْهُ فَتوهم أَنه رَجَعَ فِي البيع فَقَالَ قبضت الثّمن مني وتفاصلنا فَقَالَ لابد أَن أرَاهُ فَلَمَّا أَتَى بِهِ إِلَيْهِ حك ذَلِك الْغَلَط وَأَصْلحهُ وَأَعَادَهُ إِلَى صَاحبه وَرجع إِلَى بَلَده أَو كَمَا قَالَ وَقد رَأَيْت أَنا بِخَطِّهِ مُصحفا أَو أَكثر وَهُوَ شَيْء غَرِيب من حسن الْوَضع ورعاية المرسوم وَلكُل ضبط لون من الألوان لَا يخل بِهِ فاللازورد للشدات والجزمات واللك للضمات وللفتحات والكسرات والأخضر للهمزات الْمَكْسُورَة والأصفر للهمزات الْمَفْتُوحَة لَا يخل بِشَيْء من ذَلِك وَلَيْسَ فِيهِ وَاو وَلَا ألف وَلَا حرف وَلَا كلمة فِي الْحَاشِيَة وَلَا تخريجة وَكَأَنَّهُ مَتى فسد مَعَه شَيْء أبطل تِلْكَ القايمة توفى الْمَذْكُور سنة عشر وست ماية وَمِمَّنْ سلك هَذِه الطَّرِيق فِي الْمَصَاحِف ابْن خلدون البلنسي
ابْن سيدة الْمُحدث مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عَليّ بن عمر بن صابر السّلمِيّ أَبُو طَالب ابْن أبي الْمَعَالِي الْمَعْرُوف بِابْن سيدة من أهل دمشق من أَوْلَاد الْمُحدثين)
سمع أَبَاهُ وَأَبا طَاهِر الخشوعي وَأَبا مُحَمَّد بن عَسَاكِر وَغَيرهم وسافر إِلَى مصر وَسمع بهَا البوصيري واسمعيل بن صَالح بن ياسين المقرىء وَكَانَت لَهُ دنيا وَاسِعَة وَحَال حَسَنَة يتقلب فِيهَا على مُرَاد قلبه فزهد فِيهَا فِي عنفوان شبابه وطرحها وَصَحب الصَّالِحين وَجَاوَزَ بِمَكَّة سِنِين عديدة وَحضر مَعَ الشَّيْخ عمر السهر وردي إِلَى بغداذ لما حضر من الشَّام وَسمع بهَا أثنى عَلَيْهِ ابْن النجار وَقَالَ سَمِعت مِنْهُ عَن وَالِده وَغَيره وَلم أر إنْسَانا كَامِلا غَيره فَإِنَّهُ زاهد عَابِد ورع تَقِيّ كثير الصّيام وَالصَّلَاة محافظ على الأوراد يكثر تِلَاوَة الْقُرْآن ومطالعة كتب الْعلم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الْأَحَادِيث وَكَلَام الْمَشَايِخ وَتوفى بِدِمَشْق سنة سبع وثلثين وست ماية
القَاضِي شرف الدّين ابْن عين الدولة مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن بن عَليّ بن أبي الْقسم بن صَدَقَة بن حَفْص قَاضِي الْقُضَاة أَبُو المكارم شرف الدّين ابْن القَاضِي الرشيد ابْن القَاضِي أبي الْمجد الصفراوي الاسكندري الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن عين الدولة ولد بالاسكندرية سنة إِحْدَى وَخمسين وَخمْس ماية وَقدم الْقَاهِرَة سنة ثلث وَسبعين وَكتب لقَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين ابْن درباس ثمَّ نَاب عَنهُ فِي الْقَضَاء وَحكم بالاسكندرية من أَعْمَامه وأخواله ثَمَانِيَة وناب فِي الْقَضَاء أَيْضا عَن قَاضِي الْقُضَاة ابْن أبي عصرون وَعَن زين الدّين عَليّ بن يُوسُف الدِّمَشْقِي وَعَن عماد الدّين ابْن السكر ثمَّ اسْتَقل بِالْقضَاءِ بِالْقَاهِرَةِ وَولي الْقَضَاء بالديار المصرية وَبَعض الشامية سنة سبع عشرَة وَكَانَ عَارِفًا بِالْأَحْكَامِ مطلعاً على غوامضها وَكتب الْخط الْجيد وَله نظم ونثر وَكَانَ يحفظ من شعر الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين جملَة وعزل عَن قَضَاء مصر ببدر الدّين السنجاري وَبَقِي قَاضِيا بِالْقَاهِرَةِ وبالوجه البحري وَنقل المصريون عَنهُ كثيرا من النَّوَادِر والزوايد كَانَ يَقُولهَا بِسُكُون وناموس وَمن شعره
(وليت الْقَضَاء وليت القضا ... ء لم يَك شَيْئا تَوليته)
(فأوقعني فِي الْقَضَاء القضا ... وَمَا كنت قدما تمنيته)