كَاتبا بديوان المقاطعات وَعمي فِي آخر عمره سنة تسع وَسبعين وَله فِي عماه أشعار كَثِيرَة يرثي عَيْنَيْهِ وَينْدب زمَان شبابه وَجمع ديوانه بِنَفسِهِ ورتبه أَرْبَعَة فُصُول ثمَّ ألحقهُ بعد ذَلِك بِزِيَادَات وصنف كتابا سَمَّاهُ الحجبة والحجاب يدْخل فِي مِقْدَار خمس عشرَة كراسة وَهُوَ قَلِيل الْوُجُود وَقَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب إِنَّه كَانَ فِي الْعرَاق صَاحبه فَلَمَّا انْتقل الْعِمَاد إِلَى الشَّام وخدم نور الدّين وَصَلَاح الدّين كتب إِلَيْهِ يطْلب مِنْهُ فَرْوَة برساله ذكرهَا ابْن خلكان فِي تَارِيخه وَكَانَ مولده سنة تسع عشرَة وَخمْس مائَة وَمن شعره
(سقاك سارٍ من الوسمي هتان ... وَلَا رقت للغوادي فِيك أجفان)
(يَا دَار لهوي وإطرابي وملعب أت ... رابي وللهو أوطارٌ وأوطان)
(أعائدٌ لي ماضٍ من جَدِيد هوى ... أبليته وشبابٌ فِيك فينان)
(إِذْ الرَّقِيب لنا عينٌ مساعدة ... والكاشحون لنا فِي الْحبّ أعوان)
(وَإِذ جميلَة توليني الْجَمِيل وَعَن ... د الغانيات وَرَاء الْحسن إِحْسَان)
(ولي إِلَى البان من رمل الْحمى طربٌ ... فاليوم لَا الرمل يُصِيبنِي وَلَا البان)
(وَمَا عَسى يدْرك المشتاق من وطرٍ ... إِذا بَكَى الرّبع والأحباب قد بانوا)
(كَانُوا مَعَاني المغاني والمنازل أم ... واتٌ إِذا لم يكن فِيهِنَّ سكان)
(لله كم قمرت لبي بجوك أقِم ... ارٌ وَكم غازلتني فِيك غزلان)
(وليلةٍ بَات يجلو الراح من يَده ... فِيهَا أغن خَفِيف الروج جذلان)
(خالٍ من الْهم فِي خلخاله حرج ... فقلبه فارغ وَالْقلب ملآن)
(يذكي الجوى باردٌُ من يقه شمٌ ... ويوقظ الوجد طرفٌ مِنْهُ وَسنَان)
(إِن يمس رَيَّان من مَاء الشَّبَاب فلي ... قلبٌ إِلَى رِيقه المعسول ظمآن)
(بَين السيوف وَعَيْنَيْهِ مشاركةٌ ... من أجلهَا قيل للأغماد أجفان)
(فَكيف أصحو غراماً أَو أفِيق جوىً ... وقده ثمل الأعطاف نشوان)
)
(أفديه من غادرٍ للْعهد غادرني ... صدوده ودموعي فِيهِ غُدْرَان)
(فِي خَدّه وثناياه مقلته ... وَفِي عذاريه للعشاق بُسْتَان)
(شقائقٌ وأقاحٌ نبته خضلٌ ... ونرجسٌ أَنا مِنْهُ الدَّهْر سَكرَان)
وَمِنْه قصيدة مدح بهَا القَاضِي الْفَاضِل أَولهَا
(مرت بِنَا فِي لَيْلَة النَّفر ... تجمع بَين الْإِثْم وَالْأَجْر)
(أدماء غراء هضيم الحشا ... وَاضِحَة اللبات والنحر)
(مرت تهادى بَين أترابها ... كالبدر بَين الأنجم الزهر)