(لَو رَضوا بالحجاب هان وَلَكِن ... منعوها يَوْم الرِّيَاح الكلاما)
قَالَ فطرب مُحَمَّد ودعا برطل وَشرب فَقَالَ ماني مَا كَانَ على قَائِل هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لَو أضَاف غليهما هذَيْن
(فتنفست ثمَّ قلت لطيفي ... ويك لَو زرت طيفها إلماما)
(حيها بِالسَّلَامِ سرا وَإِلَّا ... منعوها لشقوتي أَن تناما)
فَقَالَ مُحَمَّد أَحْسَنت يَا ماني ثمَّ غنت
(يَا خليليّ سَاعَة لَا تريما ... وعَلى ذِي صبَابَة فأقيما)
(مَا مَرَرْنَا بقصر زَيْنَب إِلَّا ... فَضَح الدمع سرنا المكتوما)
فَقَالَ ماني لَوْلَا رَقَبَة الْأَمِير لأضفت إِلَى هذَيْن الْبَيْتَيْنِ بَيْتَيْنِ لَا يردان على سمع ذِي لب فيصدران إِلَّا على اسْتِحْسَان لَهما فَقَالَ مُحَمَّد الرَّغْبَة فِي حسن مَا تَأتي بِهِ جائلة على كل رهبة فهات مَا عنْدك فَقَالَ ظبيةٌ كالهلال لَو تلحظ الصخر بطرفٍ لغادرته هشيما وَإِذا مَا تبسمت خلت مَا يَبْدُو من الثغر لؤلؤاً منظوما وَفِي الْخَبَر طول وَهَذَا يَكْفِي مِنْهُ
الْوَزير أَبُو جَعْفَر الْكَرْخِي مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الْفضل أَبُو جَعْفَر الْكَرْخِي
ولي وزارة الراضي بِاللَّه سنة أَربع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة بعد عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى بن الْجراح فَأَقَامَ ثَلَاثَة أشهر وَنصفا فَلَمَّا فسد أَمر الراضي بِاللَّه استتر ووكل بداره وفتش منزله ومنزل أَخِيه جَعْفَر وَحمل مَا وجد فيهمَا ثمَّ أَنه ولي الوزارة ثَانِيًا فَكَانَت وزارته الثَّانِيَة ثَلَاثَة وَخمسين يَوْمًا وَكَانَ بطيء الْكِتَابَة وَالْقِرَاءَة فِيهِ كرم واحترام لقاصديه
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة ومولده سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
ابْن الزبيدية الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عبد الله الزبيدِيّ أَبُو الْعِزّ الْمُقْرِئ وَيعرف)
بِابْن الزبيدية
قَالَ ابْن النجار كَانَ شَابًّا فهما قَارِئًا مجوداً قَرَأَ بالروايات وَسمع الحَدِيث الْكثير من أبي بكر وَأبي الْقَاسِم بن الْحصين وزاهر بن طَاهِر الشحامي وأمثالهم وَكتب الْكثير وتفقه لِابْنِ حَنْبَل ثمَّ انْتقل لمَذْهَب أبي حنيفَة وتأدب وَقَالَ الشّعْر
وَمَات قبل أَوَان الرِّوَايَة سنة ثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
وَمن شعره كل متني من الْوُقُوف على الأطلال يَوْم النَّوَى فَمَا كَلَّمتنِي
(ودعتني آثَار من كَانَ فِيهَا ... مستهاماً وللضنى أودعتني)
لم يكن ثمّ من يخبر بالأحباب إِلَّا حمامةٌ فَوق غُصْن
(فبكتني وأبكأتني وَقَالَت ... هَا أَنا للنوى أُغني فغني)