وَهُوَ سبط فَخر الدّين ابْن تَمِيم سكن حماة وخدم الْملك الْمَنْصُور وَكَانَ جندياً محتشماً شجاعاً مطبوعاً كريم الْأَخْلَاق بديع النّظم رَقِيقه لطيف التخيل إِلَّا أَنه لَا يجيد إِلَّا فِي المقاطيع فَأَما إِذا طَال نَفسه ونظم القصائد انحط نظمه وَلم يرْتَفع توفّي بحماة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وست مائَة وَهُوَ فِي التضمن الَّذِي عاناه فضلاء الْمُتَأَخِّرين آيَة وَفِي صِحَة الْمعَانِي والذوق اللَّطِيف غَايَة لِأَنَّهُ يَأْخُذ الْمَعْنى الأول وَيحل تركيبه وينقله بألفاظه الأولى إِلَى معنى ثانٍ حَتَّى كَأَن النَّاظِم الأول إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمَعْنى الثَّانِي وَقد أَكثر من ذَلِك حَتَّى قَالَ
(أطالع كل ديوَان أرَاهُ ... وَلم أزْجر عَن التَّضْمِين طيري)
(أضمن كل بَيت فِيهِ معنى ... فشعري نصفه من شعر غَيْرِي)
وَمِمَّا نقلته من خطه لَهُ فِي التَّضْمِين الْمَذْكُور
(أهديته قدحاً فَإِن أنصفته ... أوسعته بجماله تقبيلا)
(نظمت بِهِ الصَّهْبَاء در حبابها ... حَتَّى يصير لرأسه إكليلا)
ونقلت مِنْهُ أَيْضا
(لَو أَنَّك إِذْ شربناها كؤوساً ... ملئن من المدام الأرجواني)
(حسبت سقاتها دارت علينا ... بأشربة وقفن بِلَا أواني)
ونقلت مِنْهُ أَيْضا
(إِن كَانَ راووق المدامة عِنْدَمَا ... مَاتَ الْأَمِير بَكَى بدمع قان)
(فاليوم ينشد وَهُوَ يبكي عِنْدَمَا ... شرب المدامة من يَد السُّلْطَان)
(يَا عين صَار الدمع عنْدك عَادَة ... تبكين فِي فَرح وَفِي أحزان)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(قَالُوا فلَان تولى نتف عَارضه ... ليُصبح الْحسن عَنهُ غير منتقل)
(فَقلت سد طَرِيق الشّعْر يعجزه ... وَمن يسد طَرِيق الْعَارِض الهطل)
ونقلت مِنْهُ لَهُ
(تعيب تحتي جواداً لَا حراك بِهِ ... يكَاد من همزه بالركض ينخذم)
(فَلَا يغرك مِنْهُ سنه غَلطا ... إِن الْجواد على علاته هرم)
)
ونقلت مِنْهُ لَهُ يهجو كحالاً
(دعوا الشَّمْس من كحل الْعُيُون فكفه ... تَسوق إِلَى الطّرف الصَّحِيح الدواهيا)
(فكم ذهبت من نَاظر بسواده ... وخلت بَيَاضًا خلفهَا ومآقيا)
ونقلت مِنْهُ لَهُ