وَقلت
(أخي وَلَا تلمني أَن دفنتك فِي الثرى ... وَأَنَّك فِي الأحشاء لم تتَّخذ دَارا)
(وَكَيف يكون الْقَبْر مَا بَين أضلعي ... وَأَنت بِفضل الله لَا تسكن النارا)
وَقلت
(يَا موت خلفتني كئيباً ... تضرم نَار الجوى ضلوعي)
(وَلَو أعَاد الْبكاء مَيتا ... كَانَ أخي عَام فِي دموعي)
وَقلت
(قضى نحبه من كنت أَرْجُو حَيَاته ... لينفعني إِن عَاشَ فِي المَال والأهل)
(فهون خطباً لم يهن كَونه قضى ... وَمَا ذاق مَا قد ذقت من غُصَّة الثكل)
وَقلت
(رَاح إِلَى الله أخي مسرعاً ... لَا أَصْغَر الرَّحْمَن مسعاه)
(والسحب تبكيه بدمع الحيا ... وَالْوَرق فِي الأغصان تنعاه)
(يَا لَيْت يرْعَى الْقَبْر لي وَجهه ... كي لَا يبيت الدُّود يرعاه)
وَقلت مضمناً
(عدمت مَعَ أخي فأذهلني مصابي ... عَلَيْهِ فحرروه وأرخوه)
(وَكَيف يلذ للعقلاء عَيْش ... وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ)
وَقلت)
(يَا ذَهَبا ذاب قلبِي بعده لهفاً ... وليت لَو كَانَ يُغْنِيه تلهفه)
(وَمن بلائي الَّذِي قد حل بعْدك بِي ... حملت هم الَّذِي بعدِي أخلفه)
وَقلت
(أخي ذقت كأس الْمَوْت فِي الدَّهْر مرّة ... وجرعت كاسات الردى فِيك ألوانا)
(وجار عَلَيْك الدَّهْر دوني ظَالِما ... فغادرني نبعاً وأذواك ريحانا)
وَقلت
(يَا أخي حينك وافي ... ليته وَافق حيني)
(الجوى حرق قلبِي ... والبكا قرح عَيْني)
وكتبت على قَبره
(يَا سَاكِنا تَحت طباق الثرى ... وَهُوَ مَعَ الْمَعْدُوم مَعْدُود)
(بِأَيّ خديك تبدي البلى ... وَأي عَيْنَيْك رعى الدُّود)