فَرفع رَأسه وقلا يَا محسد قد جَاءَك بالشمال فأته بِالْيَمِينِ فَقَالَ
(فالتجأنا إِلَى حنادس شعر ... سترتنا عَن أعين اللوام)
قَالَ أَبُو الجوائز معنى قَول المتنبي لوَلَده جَاءَك بالشمال فأته بِالْيَمِينِ أَن الْيُسْرَى لَا يتم بهَا عمل وباليمين تتمّ الْأَعْمَال وَأَرَادَ أَن الْمَعْنى يحْتَمل زِيَادَة فأوردها وَقد ألطف المتنبي فِي الْإِشَارَة وَأحسن وَلَده فِي الْأَخْذ انْتهى قلت كَذَا نقلت ذَلِك من خطّ الإِمَام شهَاب الدّين ياقوت فِي كِتَابه مُعْجم الشُّعَرَاء يَقُول عَن أيعن اللوام بِاللَّامِ وَالْوَاو والتستير هُنَا إِنَّمَا يكون عَن الوشاة لِأَنَّهُ قَالَ فِي الأول يطْلب سترا وَلَيْسَ للوام هُنَا مدْخل وَأَظنهُ قَالَ عَن أعين النوام وَهَذَا الْأَلْيَق بِهَذَا الموطن وَلم يقل وَالله أعلم النمام لِأَنَّهُ قَالَ أعين اللوام والأنسب أَن يُقَال عَن مقلة النمام أَو عَن نظرة النمام وَهُوَ الْأَحْسَن ورثاه الإِمَام أَبُو الْفَتْح ابْن جني النَّحْوِيّ بقصيدة وَهِي
(غاض القريض وأودت نَضرة الْأَدَب ... وصوحت بعد ري دوحة الْكتب)
(سلبت ثوب بهاء كنت تلبسه ... كَمَا تخطف بالخطية السَّلب)
(مَا زلت تصْحَب فِي الجلى إِذا نزلت ... قلباً جَمِيعًا وعزماً غير منشعب)
(وَقد حلبت لعمري الدَّهْر أشطره ... تمطو بهمة لَا وانٍ وَلَا نصب)
(من للهواجل تحيي ميت أرسمها ... بِكُل جائلة التصدير والحقب)
(قبَاء خوصاء مَحْمُود علالتها ... تنبو عريكتها بالحلس والقتب)
)
(أم من لسرحانها يقريه فضلته ... وَقد تضور بَين الْيَأْس والسغب)
(أم من لبيض الظبا توكافهن دم ... أم من لسمر القنا والزغف واليلب)
(أم للمحافل إِذْ تبدو لتعمرها ... بالنظم والنثر والأمثال والخطب)
(أم للصواهل محمراً سرابلها ... من بعد مَا غربت مَعْرُوفَة الشهب)
(أم للقساطل تعتم الحروب بهَا ... أم من لضغم الهزبر الضيغم الْحَرْب)
(أم للضراب إِذا الأحساب دَافع عَن ... تذنيبها شَعرَات الوكف القضب)
(أم للملوك تحليها وتلبسها ... حَتَّى تمايس فِي أبرادها القشب)
(نابت وِسَادِي أحزاني تؤرقني ... لما غَدَوْت لقىً فِي قَبْضَة النوب)
(عمرت خدن المساعي غير مضطهد ... ومت كالنصل لم تدنس وَلم تَعب)
(فَاذْهَبْ عَلَيْك سَلام الله مَا قلت ... خوص الركائب بالأكوار والشعب)