للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِحْدَى وَتِسْعين وست مائَة وَكَانَ كَبِير الْقدر عديم الشَّرّ وَبَيت ابْن الْأَثِير هَؤُلَاءِ غير بَيت ابْن الْأَثِير بالموصل ولي كِتَابَة السِّرّ بعد فتح الدّين ابْن عبد الظَّاهِر شهرا ولحقه إِلَى الله تَعَالَى ثمَّ ولي ابْنه عماد الدّين إِسْمَاعِيل ثمَّ طلب القَاضِي شرف الدّين عبد الْوَهَّاب بن فضل الله وَصرف عماد الدّين إِلَى التوقيع عِنْد النواب وباشر الْإِنْشَاء فِي الْأَيَّام الظَّاهِرِيَّة وأنشده الْأَمِير عز الدّين أيدمر أول اجتماعه بِهِ وملم يكن يعلم اسْمه وَلَا اسْم أَبِيه قَول الشَّاعِر)

(كَانَت مساءلة الركْبَان تخيرني ... عَن أَحْمد بن سعيد أطيب الْخَيْر)

(حَتَّى التقيا فَلَا وَالله مَا سمعَت ... أُذني بأحسنَ ممّا قد رأى بَصرِي)

فَقَالَ لَهُ تَاج الدّين يَا مَوْلَانَا أتعرف أَحْمد بن سعيد فَقَالَ لَا فَقَالَ الْمَمْلُوك أَحْمد بن سعيد

كتب إِلَيْهِ القَاضِي محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر من حلب كتابا فَأجَاب القَاضِي تَاج الدّين يقبل الْيَد المحيوية المجنوبة إِلَى كل قبْلَة المحتوية على الْكَرم الَّذِي هُوَ للكرام قبْلَة لَا زَالَت مَخْصُوصَة بفضيلة الإعجاز والبلاغة الَّتِي كل حَقِيقَة لَدَيْهَا مجَاز وَالْإِحْسَان لَا إِحْسَان الَّذِي يظنّ الإطناب والإسهاب فِي شكره وَذكره من الإيجاز وَيُنْهِي وُرُود مشرفته الَّتِي أخذت البلاغة فِيهَا زخرفها وأشبهت الرَّوْضَة الْأنف مِنْهَا أحرفها وأبانت عَن معجزات البراعة ومثلت كَيفَ ينفث السحر فِي تِلْكَ اليراعة وأبانت مجاري وأفردته بالرتبة الَّتِي لَا يصل إِلَيْهَا زيد وَلَا عَمْرو وعلمته كَيفَ يكون الْإِنْشَاء وَإِن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء ووقف الْمَمْلُوك عَلَيْهَا وقُوف من أقحمه الْحصْر وتطاول لمباراته فِيهَا وَلم يطلّ من بباعه قصر واستقدم قلمه جوابها فأحجم واستنطق لِسَانه ليعرب عَن وصفهَا فأعجم وَقَالَ لحسنها الَّذِي اسْترق الْقُلُوب ملكت فَأَسْجِحْ وَبلغ الْغَايَة فِي عذر نَفسه ومبلغ نفس عذرها مثل منجح وَمن أَيْن لأحد مثل تِلْكَ البديهة المتسرعة والروية الَّتِي هِيَ عَن كل مَا يتَجَنَّب متورعة والمعاني الَّتِي تولد مِنْهَا أبكار أَو الغرائب الَّتِي لَا يقبل الدّرّ من بحرها إِلَّا كبار أَو الخاطر الَّذِي يستجدي الفضلة من سماحته وَاللِّسَان الَّذِي يخرس الفصحاء عِنْد فَصَاحَته والقلم الَّذِي هُوَ مِفْتَاح الأقاليم وَالطَّرِيق الَّذِي من دلّ فِيهِ ضل وَلَو أَنه عبد الحميد أَو ابْن العميد أَو عبد الرَّحِيم والألفاظ الَّتِي تشرق بهَا أنوار الْمعَانِي فَكَأَنَّهَا لَيْلَة المقمرة وَالْيَد الَّتِي إِن لم تكن الأقلام بهَا مورقة فَإِنَّهَا مثمرة

(ومولانا حرس الله مجد ... هَذَا قد أُوتِيَ ملك الْبَيَان)

وَاجْتمعَ لَهُ طَاعَة الْقَلَم وَاللِّسَان فَخَطب الأقلام بِحَمْدِهِ قد أُوتِيَ ملك الْبَيَان وَاجْتمعَ لَهُ طَاعَة الْقَلَم وَاللِّسَان فَخَطب الأقلام بِحَمْدِهِ على مَنَابِر الْأَعْلَام وَقد أخذت لَهُ الْبيعَة بالتقدم على كل فَاضل وَلَو كَانَ الْفضل وأًبح مَحَله مِنْهَا الْأَسْنَى وأسماؤه فِيهَا الْحسنى وَجَاء من المحاسن بِكُل مَا تزهى بِهِ الدول وأصبحت طَرِيقَته فِي الْفُنُون كلمة الْإِسْلَام فِي الْملَل وَعرف بِالْإِشَارَةِ فِي حلب مَا صنعت فِيهِ الْأَيَّام وَمَا أشجاه من ربعهَا الَّذِي لم تبْق فِيهِ بشاشة بشام ووقوف)

مَوْلَانَا فِي أطلالها وملاحظته الْآثَار الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>