وَطلب إِلَى مصر أَيَّام ركن الدّين بيبرس الجاشنكير وَعقد لَهُ مجْلِس فِي مقَالَة قَالَ بهَا فطال الْأَمر وحكموا بحبسه فحبس بالإسكندرية ثمَّ إِن الْملك النَّاصِر لما جَاءَ من الكرك أخرجه فِيمَا أَظن وَلم يزل الْعَوام بِمصْر يعظمونه إِلَى أَن أَخذ فِي القَوْل على السيدة نفيسة فأعرضوا عَنهُ
ورأيته مراتٍ بمدرسة القصاعين وبالحنبلية جوَّا بَاب الفراديس وَكَانَ إِذا تكلم أغمض عَيْنَيْهِ وازدحمت الْعبارَة على لِسَانه فَرَأَيْت الْعجب العجيب والحبر الَّذِي مَا لَهُ مشاكل فَيْء فنونه وَلَا ضريب والعالم الَّذِي أَخذ من كل شَيْء بِنَصِيب سَهْمه للأغراض مُصِيب والمناظر الَّذِي إِذا جال فِي حومة الْجِدَال رمي الْخُصُوم من مباحثه بِالْيَوْمِ العصيب
(وعاينت بَدْرًا لَا يرى الْبَدْر مثله ... وخاطبت بحراً لَا يرى العبر عائمه)
أَخْبرنِي الْمولى عَلَاء الدّين بن الْآمِدِيّ وَهُوَ من كبار كتاب الْحساب قَالَ دخلت يَوْمًا إِلَيْهِ وَأَنا وَالشَّمْس النفيس عَامل بَيت المَال وَلم يكن فِي وقته أكتب مِنْهُ فَأخذ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين يسْأَله عَن الِارْتفَاع وَعَما بَين الفذلكة واستقرار الْجُمْلَة من الْأَبْوَاب وَعَن الفذلكة الثَّانِيَة وخصمها وَعَن أَعمال الاسحتقاق وَعَن الْخَتْم والتوالي وَمَا يطْلب من الْعَامِل وَهُوَ يجِيبه عَن الْبَعْض ويسكت عَن الْبَعْض ويسأله عَن تَعْلِيل ذَلِك إِلَى أَن أوضح لَهُ ذَلِك وعلّله قَالَ فَلَمَّا خرجنَا من عِنْده قَالَ لي النفيس وَالله تعلمت الْيَوْم مِنْهُ مَا لَا كنت أعلمهُ انْتهى مَا ذكره عَلَاء الدّين
وَسَأَلته فِي سنة ثَمَانِي عشرَة أَو سبع عشرَة وَسبع مائَة وَهُوَ بمدرسته بالقصاعين عَن قَوْله)
تَعَالَى وَأخر متشابهاتٌ فَقلت لَهُ الْمَعْرُوف بَين النُّحَاة أَن الْجمع لَا يُوصف إِلَّا بِمَا يُوصف بِهِ الْمُفْرد من الْجمع بالمفرد من الْوَصْف فَقَالَ كَذَا هُوَ فَقلت مَا تفرد متشابهات فَقَالَ متشابهة فَقلت كَيفَ تكون الْآيَة الْوَاحِدَة فِي نَفسهَا متشابهة وَإِنَّمَا يَقع التشابه بَين آيَتَيْنِ وَكَذَا قَوْله تَعَالَى فَوجدَ فِيهَا رجلَيْنِ يقتتلان كَيفَ يكون الرجل الْوَاحِد يقتتل مَعَ نَفسه فَعدل بِي من الْجَواب إِلَى الشُّكْر وَقَالَ هَذَا ذهن جيد وَلَو لازمتني سنة لانتفعت وَسَأَلته فِي ذَلِك الْمجْلس عَن تَفْسِير قَوْله تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلقكُم من نفس واحدةٍ وَجعل مِنْهَا زَوجهَا إِلَى قَوْله تَعَالَى عَمَّا يشركُونَ فَأجَاب بِمَا قَالَه الْمُفَسِّرُونَ فِي ذَلِك وَهُوَ آدم وحواء وَأَن حَوَّاء لما أثقلت بِالْحملِ أَتَاهَا إِبْلِيس فِي صُورَة رجل وَقَالَ أَخَاف من هَذَا الَّذِي فِي بَطْنك أَن يخرد من دبرك أَو يشق بَطْنك وَمَا يدْريك لَعَلَّه يكون بَهِيمَة أَو كَلْبا فَلم تزل فِي همّ حَتَّى أَتَاهَا ثَانِيًا وَقَالَ سَأَلت الله تَعَالَى أَن يَجعله بشرا سويّاً وَإِن كَانَ كَذَلِك سميه عبد الْحَارِث وَكَانَ اسْم إِبْلِيس فِي الْمَلَائِكَة الْحَارِث فَذَلِك قَوْله تَعَالَى فَلَمَّا آتاهما صَالحا جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما وَهَذَا مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس فَقلت لَهُ هَذَا فَاسد من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute