وُجُوه لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي الْآيَة الثَّانِيَة فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ فَهَذَا يدل على أَن الْقِصَّة فِي حق جمَاعَة الثَّانِي أَنه لَيْسَ لإبليس فِي الْكَلَام ذكر الثَّالِث أَن الله تَعَالَى علم آدم الْأَسْمَاء كلهَا فَلَا بُد وَأَنه كَانَ يعلم أَن إِبْلِيس الْحَارِث الرَّابِع أَنه تَعَالَى قَالَ أيشركون مَا لَا يخلق شَيْئا وَهُوَ يخلقون وَهَذَا يدل على أَن المُرَاد بِهِ الْأَصْنَام لِأَن مَا لما لَا يعقل وَلَو كَانَ إِبْلِيس لقَالَ من الَّتِي هِيَ لمن يعقل فَقَالَ رَحمَه الله تَعَالَى فقد ذهب بعض الْمُفَسّرين إِلَى أَن المُرَاد بِهَذَا قصيّ لِأَنَّهُ سمى أَوْلَاده الْأَرْبَعَة عبد منَاف وَعبد الْعُزَّى وَعبد قصي وَعبد الدَّار وَالضَّمِير فِي يشركُونَ لَهُ ولأولاده من أعقابه الَّذين يسمون أَوْلَادهم بِهَذِهِ الْأَسْمَاء وأمثالها فَقلت لَهُ وَهَذَا أَيْضا فَاسد لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ خَلقكُم من نفسٍ واحدةٍ وَخلق مِنْهَا زَوجهَا وَلَيْسَ كَذَلِك إِلَّا آدم لِأَن الله تَعَالَى خلق حَوَّاء من ضلعه فَقَالَ رَحمَه الله تَعَالَى المُرَاد بِهَذَا أَن زوجه من جنسه عَرَبِيَّة قرشية فَمَا رَأَيْت التَّطْوِيل مَعَه
وَسَأَلته فِي ذَلِك الْمجْلس عَن قَول الْمُتَكَلِّمين فِي الْوَاجِب والممكن لأَنهم قَالُوا الْوَاجِب مَا لَا يتَوَقَّف وجوده على وجود مُمكنَة والممكن مَا يتَوَقَّف وجوده على وجود واجبه فَقَالَ رَحمَه الله هَذَا كَلَام مُسْتَقِيم فَقلت هَذَا القَوْل هُوَ عين القَوْل بِالْعِلَّةِ والمعلول فَقَالَ كَذَا هُوَ إِلَّا أَن ذَلِك عِلّة نَاقِصَة وَلَا يكون عِلّة تَامَّة إِلَّا بانضمام إِرَادَته فَإِذا انضمت الْإِرَادَة إِلَى وجود الْوَاجِب)
تعين وجود الْمُمكن ثمَّ اجْتمعت بِهِ بعد ذَلِك مَرَّات عديدة وَكَانَ إِذا رَآنِي قَالَ أيش حس الإيرادات أيش حس الْأَجْوِبَة أيش حس الشكوك أَنا أعلم أَنَّك مثل الْقدر الَّتِي تغلي تَقول بق بق بق أَعْلَاهَا أَسْفَلهَا وأسفلها أَعْلَاهَا لازمني لازمني تنْتَفع وَكنت أحضر دروسه وَيَقَع لي فِي أثْنَاء كَلَامه فَوَائِد لم أسمعها من غَيره وَلَا وقفت عَلَيْهَا فِي كتاب رَحمَه الله تَعَالَى
وعَلى الْجُمْلَة فَمَا رَأَيْت وَلَا أرى مثله فِي اطّلاعه وحافظته وَلَقَد صدَّق مَا سمعنَا بِهِ عَن الْحفاظ الأول وَكَانَت هممه علية إِلَى الْغَايَة لِأَنَّهُ كَانَ كثيرا مَا ينشد
(تَمُوت النُّفُوس بأوصابها ... وَلم تشك عوَّداها مَا بهَا)
(وَمَا أنصفت مهجةٌ تَشْتَكِي ... هَواهَا إِلَى غير أحبابها)
وينشد أَيْضا
(من لم يقد ويدس فِي خيشومه ... رهج الْخَمِيس فَلَنْ يَقُود خميسا)
وَكَانَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَتِسْعين قد قَامَ عَلَيْهِ جمَاعَة من الشَّافِعِيَّة وأنكروا عَلَيْهِ كَلَامه فِي الصِّفَات وَأخذُوا فتياه الحموية وردّوا عَلَيْهِ فِيهَا وَعمِلُوا لَهُ مَجْلِسا فدافع الأفرم عَنهُ وَلم يبلغهم فِيهِ أرباً وَنُودِيَ فِي دمشق بِإِبْطَال العقيدة الحموية فانتصر لَهُ جاغان المشدّ وَكَانَ قد منع من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute