للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ وَقد رأى جمَاعَة مَا أَتَى الزَّمَان لَهُم بنظير بعدهمْ مثل الشَّيْخ وَغير هَؤُلَاءِ أَخْبرنِي الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس قَالَ قدم إِلَى الديار المصرية وَهُوَ شَاب فَحَضَرَ سوق الْكتب وَالشَّيْخ بهاء الدّين ابْن النّحاس حَاضر وَكَانَ مَعَ الْمُنَادِي ديوَان ابْن هَانِيء المغربي فَأَخذه الشَّيْخ ركن الدّين وَأخذ يترنم بقول ابْن هَانِئ الْكَامِل

(فتكات لحظك أم سيوف أَبِيك ... وكؤوس خمرك أم مراشف فِيك)

وَكسر التَّاء وَفتح الْفَاء وَالسِّين وَالْفَاء فَالْتَفت إِلَيْهِ الشَّيْخ بهاء الدّين وَقَالَ لَهُ يَا مولى ذَا نصب كثير فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ ركن الدّين بِتِلْكَ الحدة الْمَعْرُوفَة مِنْهُ والنفرة أَنا مَا أعرف الَّذِي تريده أَنْت من رفع هَذِه الْأَشْيَاء على أَنَّهَا أَخْبَار لمبتدآت مقدرَة أَي أهذه فتكات لحظك أم كَذَا أم كَذَا وَأَنا الَّذِي أقوله أغزل وأمدح وَتَقْدِيره أأقاسي فتكات لحظك أم أقاسي سيوف أَبِيك وأرشف كؤوس خمرك أم مراشف فِيك فأخجل الشَّيْخ بهاء الدّين وَقَالَ لَهُ يَا مولى فلأي شَيْء مَا تتصدر وتشغل النَّاس فَقَالَ اسْتِخْفَافًا بالنحو واحتقاراً لَهُ وأيش النَّحْو فِي الدُّنْيَا أَو كَمَا قَالَ وَأَخْبرنِي أَيْضا قَالَ كنت أَنا وشمس الدّين ابْن الْأَكْفَانِيِّ نَأْخُذ عَلَيْهِ فِي المباحث المشرقية فأبيت لَيْلَتي أفكر فِي الدَّرْس الَّذِي نصبح نَأْخُذهُ عَلَيْهِ وأجهد قريحتي وأعمل تعقلي وفهمي إِلَى أَن يظْهر لي شَيْء أَجْزم بِأَن المُرَاد بِهِ هَذَا فَإِذا تكلم الشَّيْخ ركن الدّين كنت أَنا فِي وَاد فِي بارحتي وَهُوَ فِي وَاد أَو كَمَا قَالَ وَأَخْبرنِي تَاج الدّين المراكشي قَالَ قَالَ لي الشَّيْخ ركن الدّين لما أوقفني الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس على السِّيرَة الَّتِي عَملهَا علمت فِيهَا على مائَة وَأَرْبَعين موضعا أَو مائَة وَعشْرين السَّهْو مني أَو كَمَا قَالَ وَلَقَد رَأَيْته مَرَّات يواقف الشَّيْخ فتح الدّين فِي أَسمَاء رجال ويكشف عَلَيْهَا فَيظْهر مَعَه الصَّوَاب وَكنت يَوْمًا أَنا وَهُوَ عِنْد الشَّيْخ فتح الدّين فَقَالَ قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية عمل ابْن الْخَطِيب أصولاً فِي الدّين الْأُصُول أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قل هُوَ الله أحد الْإِخْلَاص إِلَى آخرهَا فنفر الشَّيْخ ركن الدّين وَقَالَ قل لَهُ يَا عرة عمل النَّاس وصنفوا وَمَا أفكروا فِيك ونهض قَائِما وَولي مغضباً وَأَخْبرنِي الشَّيْخ فتح الدّين قَالَ جَاءَ إِلَيْهِ إِنْسَان يصحح عَلَيْهِ فِي أمالي القالي فَأخذ الشَّيْخ ركن الدّين يسابقه إِلَى أَلْفَاظ الْكتاب فبهت ذَلِك الرجل فَقَالَ لَهُ لي عشرُون سنة مَا كررت عَلَيْهَا وَكَانَ إِذا أنْشدهُ أحد شَيْئا فِي أَي معنى كَانَ أنْشد فِيهِ جملَة للْمُتَقَدِّمين والمتأخرين كَانَ الْجَمِيع كَانَ البارحة يُكَرر عَلَيْهِ وَتَوَلَّى نِيَابَة الحكم للْقَاضِي الْمَالِكِي بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة ثمَّ تَركهَا تديناً مِنْهُ وَقَالَ يتَعَذَّر فِيهَا بَرَاءَة الذِّمَّة وَكَانَ سيرته فِيهَا حَسَنَة

<<  <  ج: ص:  >  >>