لم يسمع)
عَنهُ أَنه ارتشى فِي حكم وَلَا حابى وَكَانَ يدرس فِي الْمدرسَة المنكتمرية بِالْقَاهِرَةِ ويدرس الطِّبّ بالبيمارستان المنصوري وينام أول اللَّيْل ثمَّ يستفيق وَقد أَخذ رَاحَة ويتناول كتاب الشِّفَاء لِابْنِ سينا ينظر فِيهِ لَا يكَاد يخل بذلك قَالَ الشَّيْخ فتح الدّين قلت لَهُ يَوْمًا يَا شيخ ركن الدّين إِلَى مَتى تنظر فِي هَذَا الْكتاب فَقَالَ إِنَّمَا أُرِيد أَن اهتدي وَكَانَ فِيهِ سأم وملل وضجر حَتَّى فِي لعب الشطرنج يكون فِي وسط الدست وَقد نفضه وَقطع لَذَّة صَاحبه وَيَقُول سئمت سئمت وَكَذَلِكَ فِي بعض الْأَوْقَات يكون فِي بحث وَقد حرر لَك الْمَسْأَلَة وكادت تنضج فَيتْرك الْكَلَام ويمضي وَكَانَ حسن التودد يتَرَدَّد إِلَى النَّاس ويهنئهم بالشهور والمواسم من غير حَاجَة إِلَى أحد لِأَنَّهُ كَانَ مَعَه مَال لَهُ صُورَة مَا يُقَارب الْخمسين ألف دِرْهَم وَكَانَ يتَصَدَّق سرا على أنَاس مخصوصين ولثغته بالراء قبيحة يَجْعَلهَا همزَة وَكَانَ إِذا رأى أحدا يضْرب كَلْبا أَو يُؤْذِيه يخاصمه وينهره وَيَقُول ليش تفعل ذَا أما هُوَ شريكك فِي الحيوانية وَكَانَ خطه على وضع المغاربة وَلَيْسَ بِحسن وَسمع بِدِمَشْق سنة إِحْدَى وَتِسْعين وست مائَة على الْمسند تَقِيّ الدّين ابْن الوَاسِطِيّ واستجزته سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة بِالْقَاهِرَةِ باستدعاء فِيهِ ونظم فَأجَاب وَأَجَازَ وأجاد بنثر ونظم أَنْشدني لنَفسِهِ إجَازَة وَمن خطه نقلت الطَّوِيل
(جوى يتلظى فِي الْفُؤَاد استعاره ... ودمع هتون لَا يكف انهماره)
(يحاول هَذَا برد ذَاك بصوبه ... وَلَيْسَ بِمَاء الْعين تطفأ ناره)
(ولوعاً بِمن حَاز الْجمال بأسره ... فحاز الْفُؤَاد المستهام إساره)
(كلفت بِهِ بَدْرِي مَا فَوق طوقه ... ودعصي مَا يثنى عَلَيْهِ إزَاره)
(غزال لَهُ صَدْرِي كناس ومرتع ... وَمن حب قلبِي شيحه وعراره)
(من السمر يُبْدِي عدمي الصَّبْر خَدّه ... إِذا مَا بدا ياقوته ونضاره)
(جرى سابحاً مَاء الشَّبَاب بروضه ... فأزهر فِيهِ ورده وبهاره)
(يشب ضراماً فِي حشاي نعيمه ... فيبدو بأنفاسي الصعاد شراره)
(وينثر دمعي مِنْهُ نظم موشر ... كنور الأقاحي حفه جلناره)
(يعل بعذب من برود رضابه ... تفاوح فِيهِ مسكه وعقاره)
(ويسهر أجفاني بوسنان أدعج ... يحير فكري غنجه وأحوراره)
(حكاني ضعفا أَو حكى مِنْهُ موثقًا ... وخصرا نحيلا غال صبري اختصاره)
(معنى بردف لَا ينوء بثقله ... فيا شدّ مَا يلقى من الْجَار جَاره)
)
(على أَن ذَا مثر وَذَلِكَ مُعسر ... وَمن محنتى أعساره ويساره)
(تألف من هَذَا وَذَا غُصْن بانة ... توافت بِهِ أزهاره وثماره)
(تجمع فِيهِ كل حسن مفرق ... فَصَارَ لَهُ قطباً عَلَيْهِ مَدَاره)