وَمِنْه أَيْضا
(قد حجبوا الْبيض ببيض الصفاح ... وَمنعُوا السمر بسمر الرماح)
(وأطبقوا أصداف أسجافهم ... فَمَا ترى شمس الصَّباح الصَّباح)
مِنْهَا
(يثبت تأليف الْهوى حسنها ... وقدّها للصبر إِن ماح ماح)
(وطرفها مسكرٌة خمرهُ ... إِذا أديرت وَهُوَ يَا صاحِ صاحْ)
(أمدّ قلبِي نَحْو كاساتها ... رشفاً إِذا مدّت إِلَى الراح راحْ)
(واضحها موضح عُذْري فَمَا ... يلومني فِيهَا إِذا لَاحَ لاحْ)
قلت هَذَا النَّوْع بديع يُوهم أَنه توكيد فِي الظَّاهِر وَهُوَ فِي الْبَاطِن غير توكيد وَمثل هَذَا مَا أنشدنيه لنَفسِهِ إجَازَة القَاضِي زين الدّين عمر ابْن الوردي وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى
(تعشقت أحوى لي إِلَيْهِ وسائلٌ ... وَإِصْلَاح أحوالي لَدَيْهِ لَدَيْهِ)
(أمرّ بِهِ مستعطفاً متلطفاً ... فيثقل تسليمي عَلَيْهِ عَلَيْهِ)
(فَلَا كَانَ واشٍ كدّر الصفو بَيْننَا ... وبغّض تحبيبي إِلَيْهِ إِلَيْهِ)
وَلابْن نفادة قصيدة ذَات أَربع قواف وَهِي
(جمر غرامي وَاقد يَحْكِي لظى ... شراره فِي الْقلب لَيْسَ ينطفي)
(ودمع عَيْني شَاهد على الْهوى ... مدراره والوجد مَا لَا يختفي)
(وَالنَّوْم عني شارد لَا يرتجى ... غراره فيا لصبٍّ مدنف)
(هَل فِي الْهوى مساعد لما عَنى ... أعذاره فِي حب ظَبْي أهيف)
(مائل قدٍّ مائد إِذا انثنى ... خطّاره كالغصن المهفهف)
(فلحظه لي صائد إِذْ ينتضى ... بتاره هَل فِي الجفون مشرفي)
)
(قلبِي عَلَيْهِ وَاجِد لما نأى ... قراره بَين الأسى والأسف)
(أَرغب وَهُوَ زاهد وَهُوَ المنى ... أختاره من لي بِهِ فأشتفي)
(أسهر وَهُوَ رَاقِد لما جنى ... نفاره عرّضني للتلف)
(وجدي عَلَيْهِ زَائِد يَا لجوى ... إسعاره بَين الدُّمُوع الذّرّف)
(يَبْدُو فيصبو للعابد إِذا بدا ... عذاره مثل قوام الْألف)
قلت وَكَانَ مَعَ هَذِه الْقُدْرَة على النّظم وَحسنه يسرق السرقات الْفَاحِشَة بِالْمَعْنَى وَاللَّفْظ فَيظْهر ذَلِك لمن لَهُ أدنى اطلَاع وأيسر ذوق كَقَوْلِه