كلف التَّكَلُّف حَالية بِالدَّلِيلِ والبرهان وأبرزها فِي حلاوة عِبَارَته فَهُوَ جلاب الْجلاب وَأظْهر الْأَدِلَّة من مكامن أماكنها وطالما جمحت تِلْكَ الأوابد على الطلاب والنحوي الَّذِي تركت لمعه الْخَلِيل أخفش وأعرت الْكسَائي ثوب فخره الَّذِي بهر بِهِ سِيبَوَيْهٍ وأدهش فأبعد ابْن عُصْفُور حَتَّى طَار عَن مقربه وأمات ابْن يعِيش لما أخلق مَذْهَب مذْهبه والأديب الَّذِي هُوَ روض جمع زهر الْآدَاب وَحبر قلد العقد أجياد فنه الَّذِي هُوَ لب الْأَلْبَاب وكامل أَخذ كتاب الْأَدَب عَنهُ أدب الْكتاب فَإِذا نظم قلت هَذِه الدراري فِي إبراجها تتسق أَو خلت الدُّرَر تتنضد فِي أزدواجها وتنتسق أَو نثر فالزهر يتطلع من كمامه غب غمامه والفات غصون ترنح معاطفها لحمائم همزَة الَّتِي هِيَ كهمز حمامه والطبيب الَّذِي تحلى مِنْهُ بقراط بأقراط وَسقط عَن دَرَجَته سقراط فالفارابي ألفاه رابياً وَابْن مسكويه امسك عَنهُ محاشياً لَا محابياً وَابْن سينا انطبق قانونه على جَمِيع جزئياته وكلياته وَطلب الشِّفَاء والنجاة من إشاراته وتنبيهاته فَلَو عالج نسيم الصِّبَا لما اعتل فِي سحره أَو الجفن الْمَرِيض لزانه وَزَاد من حوره ركن الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْجَعْفَرِي الْمَالِكِي السَّرِيع
(لَا زَالَ روض الْعلم من فَضله ... فِي كل وَقت طيب النشر)
(وكل مَا يبدعه للورى ... تطويه فِي الأحشاء للنشر)
(وتزدهي الدُّنْيَا بِمَا حازه ... حَتَّى ترى دائمة الْبشر)
إجَازَة كَاتب هَذِه الأحرف مَا لَهُ من مقول منظوم أَو منثور وضع أَو تأليف جمع أَو تصنيف إِلَى غير ذَلِك على اخْتِلَاف الأوضاع وتباين الْأَجْنَاس والأنواع وَذكرت أَشْيَاء مَذْكُورَة فِي الاستدعاء)
فَأجَاب بِخَطِّهِ رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول العَبْد الْفَقِير إِلَى رَحْمَة ربه وعفوه عَمَّا تعاظم من ذَنبه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْقرشِي الْجَعْفَرِي الْمَعْرُوف بِابْن القويع بعد حمد الله ذِي الْمجد والسناء وَالْعَظَمَة والكبرياء الأول بِلَا ابْتِدَاء وَالْآخر بِلَا انْتِهَاء خَالق الأَرْض وَالسَّمَاء وجاعل الإصباح والإمساء وَالشُّكْر لَهُ على مَا من بِهِ من تضَاعف الآلاء وترادف النعماء نحمده ونذكره ونعبده ونشكره لِتَفَرُّدِهِ بِاسْتِحْقَاق ذَلِك وتوفر مَا يسْتَغْرق الْحَمد وَالشُّكْر هُنَالك مَعَ مَا خصنا بِهِ من الْعلم وأضاء بِهِ بضيائها من نور الْفَهم وَنُصَلِّي على نبيه مُحَمَّد سيد الْعَرَب والعجم وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين فازوا من كل فضل بِعظم الْحَظ ووفور الْقسم أجزت لفُلَان وذكرني الْكَامِل
(جماع أشتات الْفَضَائِل وَالَّذِي ... سبق السراع ببطئه وبمكثه)
(فكأنهم يتعثرون بجدول ... ويسير فِي سهل الطَّرِيق وبرثه)
جَمِيع مَا يجوز لي أَن أرويه مِمَّا رويته من أَصْنَاف المرويات أَو قلته نظماً أَو نثراً أَو اخترعته من مَسْأَلَة علمية مفتتحاً أَو اخترته من أَقْوَال الْعلمَاء واستنبطت الدَّلِيل عَلَيْهِ مرجحاً مِمَّا لم أصنعه فِي تصنيف وَلَا أجمعه فِي تأليف على شَرط ذَلِك عِنْد أهل الْأَثر
(السَّرِيع وَفقه الله لما يرتضي ... فِي القَوْل وَالْفِعْل وَمَا يدْرِي)