للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحُسَيْن أَحْمد ثمَّ قبض عَلَيْهِ وَنفذ مكبلاً إِلَى قوص فَدَخلَهَا وَهُوَ مغطى الْوَجْه وهم ينادون عَلَيْهِ بَين يَدَيْهِ هَذَا عَدو السُّلْطَان أَحْمد بن الزبير وَكَانَ الْأَمِير بهَا طرخان سليط اللِّسَان وَكَانَت بَينهمَا ذحولٌ قديمَة فحبسه فِي المطبخ وَكَانَ ابْن الزبير قد تولى المطبخ قَدِيما فَقَالَ الشريف الْأَخْفَش يُخَاطب ابْن رزيك

(تولى على الشَّيْء أشكاله ... فَيُصْبِح هَذَا لهَذَا أَخا)

أَقَامَ على المطبخ ابْن الزبير فولى على المطبخ المطبخا فَقَالَ بعض الْحَاضِرين لطرخان يَنْبَغِي أَن تحسن إِلَيْهِ لِأَن أَخَاهُ الْمُهَذّب قريب من قلب الصَّالح وَمَا يستبعد أَن يستعطفه عَلَيْهِ فَتَقَع فِي خجل فَلم يمض على ذَلِك غير لَيْلَة أَو لَيْلَتَيْنِ حَتَّى ورد كتاب الصَّالح على طرخان يَأْمُرهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ فَأحْضرهُ من محبسه مكرماً فجَاء إِلَيْهِ وزاحمه فِي رتبته

وَأما سَبَب مَقْتَله فلميله إِلَى أَسد الدّين شيركوه لما قدم مصر ومكاتبته لَهُ فاتصل ذَلِك بشاور وَزِير العاضد فَطَلَبه فاختفى بالإسكندرية وَاتفقَ التجاء صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة ومحاصرتها فَخرج ابْن الزبير مُتَقَلِّدًا سَيْفا وَقَاتل بَين يَدَيْهِ وَكَانَ مَعَه مُدَّة مقَامه فتزايد وجد شاور وجد فِي طلبه فظفر بِهِ فَأمر بركوبه على جمل وعَلى رَأسه طرطورٌ ووراءه جلواز ينَال مِنْهُ وَهُوَ ينشد

(إِن كَانَ عنْدك يَا زمَان بقيةٌ ... مِمَّا تهين بِهِ الْكِرَام فهاتها)

)

ثمَّ يهمهم بِتِلَاوَة الْقُرْآن ثمَّ إِنَّه بعد إشهاره بِمصْر والقاهرة أَمر أَن يصلب شنقاً فَلَمَّا وصل إِلَى مَكَانَهُ شنقه جعل يَقُول لمن تولى ذَلِك عجل عجل فَلَا رَغْبَة لكريم فِي حَيَاة بعد هَذِه الْحَال ثمَّ صلب وَمَا مضى على ذَلِك إِلَّا مديدة حَتَّى قتل شاور وسحب فاتفق أَن حفر لَهُ ليدفن فَوجدَ الرشيد بن الزبير مَدْفُونا فدفنا مَعًا ثمَّ نقل كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى تربة بقرافة مصر والقاهرة

وَلما دخل الْيمن رَسُولا قَالَ بعض شعراء الْيمن يُخَاطب صَاحب مصر وَكَانَ قد لقب علم المهتدين

(بعثت لنا علم المهتدين ... وَلكنه علمٌ أسود)

يُرِيد أَن أعلامكم بيض والسود إِنَّمَا هِيَ لبني الْعَبَّاس

ورثاه فَخر الْكتاب أَبُو عَليّ حسن بن عَليّ الْجُوَيْنِيّ الْكَاتِب بقصيدة دالية أَولهَا

(حرقي مَا لنارها من خمود ... كَيفَ تخبو وَالنَّار ذَات الْوقُود)

مِنْهَا لَك يَا ابْن الزبير قلت لأيام سروري ولذتي لَا تعودي

(عبراتي يَا أَحْمد بن عليٍّ ... صيرت فِي الخدود كالأخدود)

<<  <  ج: ص:  >  >>