ثمَّ إِنَّه بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا أمسك نَائِب مصر الْأَمِير سيف الدّين طشتمر وَأَخذه وَتوجه بِهِ إِلَى الكرك وَبعث إِلَى ايدغمش أَن يمسك الفخري فأمسكه وجهّزه إِلَيْهِ إِلَى مصر مَعَ ابْنه فوصل إِلَيْهِ فِي الرمل من تسلّمه مِنْهُ وَأَعَادَهُ إِلَى أَبِيه وَتوجه بالفخري وبطشتمر إِلَى الكرك وَأخذ الْخُيُول المثمنّة الجيدة من الاسطبلات وَأخذ جَمِيع الْبَقر وَالْغنم الَّتِي بالقلعة وَأخذ الْجَوَاهِر وَالذَّهَب وَالدَّرَاهِم وَجَمِيع مَا فِي الخزائن وَتوجه بِالْجَمِيعِ إِلَى الكرك وَأقَام الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر السلاّري فِي نِيَابَة مصر وَأخذ النَّاصِر مَعَه القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن فضل الله كَاتب السّر وَالْقَاضِي جمال الدّين جمال الكفاة نَاظر الْخَاص والجيش وجعلهما مقيمين عِنْده فِي الكرك واستغرق فِي)
لهوه ولعبه واحتجب عَن النَّاس وسيّر من يمسك الأحمدي من صفد فَلَمَّا أحس بذلك هرب وَجَاء إِلَى دمشق جرى مَا جرى لَهُ على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته ثمَّ إِنَّه أحضر الفخري وطشتمر يَوْمًا وَضرب عنقيهما صبرا فنفرت الْقُلُوب مِنْهُ واستوحش النَّاس مِنْهُ وَلم يعد يحضر كتاب وَلَا توقيع بخطّ كَاتب السّر وَلَا كتّاب الْإِنْشَاء وَإِنَّمَا بِخَط نصرانّي يعرف بالرضي وَإِذا حضر أحد إِلَى الكرك لَا يرى السُّلْطَان وَإِنَّمَا وَاحِد يعرف بِابْن البصّارة من أهل الكرك هُوَ الَّذِي يدبر الْأُمُور فماج النَّاس فِي الشَّام ومصر وجهز المصريون الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر الْحِجَازِي ليرى وَجه السُّلْطَان فلّما بلغه خَبره جعله مُقيما بالصافية وَلم يَدعه يطلع إِلَى الكرك وَلَا اجْتمع بِهِ فردّ إِلَى مصر فأجمع النَّاس أَمرهم على خلعه وَإِقَامَة أَخِيه الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل فَأَجْلَسُوهُ وجهزوا الْأَمِير سيف الدّين طقتمر الصلاحي إِلَى دمشق يحلّف الْأُمَرَاء وَكَانَ خلع النَّاصِر احْمَد يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشْرين الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَكَانَ مُدَّة ملكه بِالْقَاهِرَةِ والكرك دون الْأَرْبَعَة أشهر
وَلما اسْتَقَرَّتْ الْأَحْوَال وَثَبت ملك الْملك الصَّالح أَمر بتجهيز العساكر من مصر وَالشَّام إِلَى الكرك ومحاصرتها فَكَانَ يحضر من مصر وَمن دمشق العساكر ويحاصرونه كلّما جَاءَت فرقة إِلَيْهِ تَوَجَّهت الأولى فَيقْتل من هَؤُلَاءِ وَمن هَؤُلَاءِ ويجرح من هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء وَهلك النَّاس مَعَه وراحت أَمْوَالهم وأرواحهم وأديانهم وَهلك الرعايا من التجاريد والفلاحون من السّخر وَحمل الأتبان وجرّ الماجنيق وآلات الْحصار من الدبّابات وَغَيرهَا وَطَالَ الْأَمر وَلم يبْق بِمصْر أَمِير وَلَا بِالشَّام حَتَّى تجرد إِلَيْهِ مرّة ومرتين وَأمْسك بِسَبَبِهِ جمَاعَة من أُمَرَاء الشَّام ومصر ثمّ أمسك نَائِب مصر الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر وَجَمَاعَة مَعَه ووسطّ الْأَمِير سيف الدّين بكا الخضري وَمَعَهُ جمَاعَة من مماليك السُّلْطَان وَأمْسك أَخُوهُ يُوسُف وَقضى الله أمره فيهم وَأخذ أَمر النصار يتلاشى وَهلك من عِنْده من الْجُوع وَضرب الذَّهَب وخلط فِيهِ الْفضة والنحاس ونفق ذَلِك فِي النَّاس فَكَانَ الدِّينَار خَمْسَة دَرَاهِم وهرب النَّاس من عِنْده وهرب من عِنْده شخص يعرف ببالغ وتوجّه إِلَى مصر فَأعْطِي إمرة مائَة وَعَاد إِلَى حصاره مَعَ الْأَمِير علم الدّين سنجر الجاولي وجدّوا فِي الْحصار ورموا القلعة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute