عِنْده وَقَالَ مَالِي أرى هَذَا البرذون ضَعِيفا فَقَامَ وقبّل الأَرْض وَقَالَ يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان حَاله مثل حَالي وَمَا تخلّفت عَنهُ فِي شَيْء يَدي بِيَدِهِ فِي كل رزق يرزقنا الله فَقَالَ لَهُ هَل عملت فِي برذونك هَذَا شَيْئا قَالَ نعم وأنشده بديهاً أصبح برذوني المرقع باللمصقات فِي حسرةٍ يكابدها
(رأى حمير الشّعير عابرةً ... عَلَيْهِ يَوْمًا فظلّ ينشدها)
(قفا قَلِيلا بهَا علّي فَلَا ... أقلَّ من نظرةٍ أزودَّها)
فأعجب السُّلْطَان بديهته وَأمر لَهُ دِينَارا وَخمسين مكوكاً من الشّعير وَقَالَ لَهُ هَذِه الدَّنَانِير لَك وَالشعِير لبرذونك ثمَّ أمره بملازمة مَجْلِسه كَسَائِر الندماء وَلم يزل يترقّي عِنْده إِلَى أَن صَار لَا يصبر عَنهُ وَمن شعر ابْن الحلاوي
(أرثَّ صرف الزَّمَان حَالي ... فَمَا لدهري ترى وَمَا لي)
(حَتَّى كَأَنِّي لَهُ عدوٌّ ... يرشقني مِنْهُ بالنبال)
(وطالما كنت وَهُوَ عنّي ... وَعَن أخلاي فِي اشْتِغَال)
(وَلَو أَتَانِي لصلت فِيهِ ... أمرا ونهياً وَلَا أُبَالِي)
(أَيْن زماني الَّذِي تقضّى ... وَأَيْنَ جاهي وَأَيْنَ مَالِي)
)
(وَأَيْنَ خفّي وطيلساني ... وَأَيْنَ قيلي وَأَيْنَ قالي)
(وَأَيْنَ عيشي وَأَيْنَ طيشي ... وَأَيْنَ حسني وَحسن حَالي)
(وَنحن فِي فتيةٍ كرامٍ ... نجارهم فِي الفخار عَال)
(قد جعلُوا اللَّهْو رَأس مالٍ ... فدته نَفسِي من رَأس مَال)
(قد درسوا الْفسق من قديمٍ ... فكم لَهُم فِيهِ من جِدَال)
من أَرغب النَّاس فِي الفقاح اللذيذة المنيك الثّقال
(مخنّث عِنْدهم لنيكٍ ... أحسن من زينةٍ وَمَال)
(فَمَا لَهُم قطّ من حَدِيث ... فِيهِ سوى النّيك والبدال)
(فَقَائِل ناكني فلَان ... ونكته لَا لَهُ وَلَا لي)
(وَقَائِل حِين طاح سكرا ... وَرَاح يحبو إِلَى البزال)
(شواربي فقحتي سبالي ... مقعدتي قمّتي تعالي)
(وَنحن فِي مجلسٍ بديعٍ ... جلّ عَن الْوَصْف والمثال)
(جمَّع فِيهِ من كلّ شيءٍ ... فتمَّ فِي غَايَة الْكَمَال)