(وَيَكْفِي بِأَنِّي بَين أَهلِي ومعشري ... وصحبي لبعدي عَن حماك غَرِيب)
وَينْهى وُرُود الْمِثَال الَّذِي تصدق بِهِ منعماً وأهداه خميلة فكم شفى زهرها الْمُنعم من عمى وَبَعثه قلادة فكم أَزَال درها المنظم من ظما وَإِقَامَة حجَّة على أَن مرسله يكون فِي الْإِحْسَان والآداب مَالِكًا ومتمماً فبللت بِرُؤْيَتِهِ غلَّة الظماء البرح وعاينت مَا شاده من بُنيان الْبَيَان فَقلت لبلقيس عَيْني ادخلي الصرح النَّحْل وَقمت من حُقُوقه الْوَاجِبَة عَليّ بِمَا يطول فِيهِ الشَّرْح وتلقيته بِالضَّمِّ إِلَى قلب لَا يجْبر مِنْهُ الْكسر غير الْفَتْح واسمت ناظري من طرسه فِي الرَّوْض الْأنف وَقسمت حليه على أعضائي فللجيد القلائد وللفرق التيجان وللأذن الشنف ووردت منهله الصافي والتحفت بظله الضافي واجتليت من وَجهه بشرا قابله الشُّكْر بالقلم الحافي وعكفت مِنْهُ على كعبة الْفضل فَللَّه مَا نشر فِي استلامي وطوى فِي طوافي وكلفت قلبِي الطَّائِر جَوَابا فَلم تقو القوادم وَظهر الخوى فِي الخوافي وَقلت هَذَا الْفَنّ الْفَذ الَّذِي مَا لَهُ ضريب وَهَذَا وصل الحبيب الْبعيد قد نلته برغم الرَّقِيب الْقَرِيب الوافر
(فيا عَيْني بَيْتا فِي اعتناق ... وَيَا نومي قدمت على السَّلامَة)
وَأقسم أَن الْبَيَان مَا نكب عَمَّا دبجه مَوْلَانَا ونكت وَلَا أجراه الله على لِسَانه إِلَّا لما سكت البلغاء وبكت وَلَا آتَاهُ هَذِه النُّقُود المطبوعة إِلَّا وَقد خلصت الْقُلُوب من رق غَيره وفكت وَلَا وهبه الله هَذِه الْكَلم الْجَوَامِع إِلَّا أَن الْأَوَائِل أحسوا بطول رسائلهم فقطعوها من حَيْثُ رقت وَالصَّحِيح ركت فَمَا كل كَاتب يَده فَم وَلسَانه فِيهِ قلم وَلَا كل مُتَكَلم حسن بَيَانه تأتم الهداة بِهِ كَأَنَّهُ علم وَلَا كل بليغ إِذا خَاطب الْوَلِيّ كلا وَإِذا كلم الْعَدو كلم لِأَن مَوْلَانَا حرسه الله تَعَالَى لَا يتَكَلَّف إِذا أنشأ وَلَا يتَخَلَّف إِذا وشى والسجع عِنْده أَهْون من النَّفس الَّذِي يردده وأخف والدر الَّذِي يقذفه من رَأس قلمه أكبر من الدّرّ الَّذِي فِي قَعْر)
الْبَحْر وأشف وَإِذا رَاض قلمه روض الطروس من وقته وَإِذا أَفَاضَ كَلمه فوض الْبَيَان إِلَيْهَا أَمر مقته ومقته وَمَا كَلمه إِلَّا بَحر والقوافي أمواج وَمَا قلمه إِلَّا ملك البلاغة فَإِذا امتطى يَده ركضت بِهِ من الطروس على حلل الديباج فَلهَذَا أخملت رسائله الخمائل وتعلمت مِنْهُ الصِّبَا لطف الشَّمَائِل وَأخذت بآفاق البلاغة فلهَا أقمارها الطوالع ولغيرها نجومها الأوافل وانتقت أعالي الْفَضَائِل وَتركت للنَّاس فضالات الأسافل الوافر
(وَهَذَا الْحق لَيْسَ بِهِ خَفَاء ... فَدَعْنِي من بنيات الطَّرِيق)
فَأَما دره الَّذِي خلطه الجناس وخرطه فِي ذَلِك السلك فَمَا أحقه وأولاه بقول ابْن سناء الْملك الطَّوِيل
(فَذا السجع لَيْسَ فِي النثر مثله ... وَهَذَا جناس لَيْسَ يُحسنهُ الشّعْر)
فَلَو رأى الميكالي نمطه العالي وتنسم شذا غاليته الْعَزِيز الغالي لقَالَ عطلت هَذِه المحاسن حَالي الحالي وَكنت من قبلهَا مَا أَظن اللآلئ إِلَّا لي وَلَو ظفر الحظيري بِتِلْكَ الدُّرَر حلى بهَا تصنيفه وَعلم أَن أَرْبَاب الجناس لَو أنْفق أحدهم من الْكَلَام ملْء الأَرْض ذَهَبا مَا بلغ مد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute