للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فعلت هَذَا إِلَّا محبَّة لَك وغيرةً عَلَيْك فَإنَّك الْيَوْم سُلْطَان نصف الدُّنْيَا وَهَذِه السَّمَكَة لَا يَشْتَرِيهَا إِلَّا ملك فَخفت أَن يذهب بهَا إِلَى بعض الْمُلُوك ويخبره أَنَّك استعظمتها وَلم تشترها فَأَرَدْت عكس الْأَمر عَلَيْهِ وأعلمته أَنَّك لم تتركها إِلَّا احتقاراً لَهَا وَلم يكن لَهَا عنْدك مِقْدَار وَأَن كَاتبا نَصْرَانِيّا من كتابك اشْتَرَاهَا وأحرقها فيشيع ذكرك ويعظم عِنْد الْمُلُوك قدرك فَاسْتحْسن بدر ذَلِك مِنْهُ وَأمر لَهُ بضعفي ثمنهَا وَزَاد فِي رزقه

وَأما الْمُهَذّب وَالِده الخطير وَكَانَ كَاتب الْجَيْش بِمصْر أَوَاخِر دولة الفاطميين فقصده الْكتاب وَجعلُوا لَهُ حَدِيثا عِنْد صَلَاح الدّين أَو عَمه أَسد الدّين فخاف الْمُهَذّب فَجمع أَوْلَاده وَدخل على السُّلْطَان وَأَسْلمُوا على يَده فقبلهم وَأحسن إِلَيْهِم وَزَاد فِي ولاياتهم وَجب الْإِسْلَام مَا قبله فَقَالَ ابْن الذروي من الْكَامِل

(لم يُسْلم الشَّيْخ الخطي ... ر لرغبةٍ فِي دين أحمدْ)

(بل ظنَّ أنّ مِحالَه ... يُبقي لَهُ الدِّيوَان سرمدْ)

(والآن قد صرفوه عَن ... هـ فدينه بالعَوْد أحمدْ)

قَالَ ياقوت وَوجد بِخَط ابْن مماتي من الْكَامِل

(صحَّ التمثّل فِي قدي ... م الدَّهْر أَن الْعود أحمدْ)

وَكَانَ الخطير يَوْمًا جَالِسا فِي ديوانه فِي حجرَة موسومة بديوان الْجَيْش من قصر السُّلْطَان بِمصْر وَكَانَ بهَا رُخَام وتنميق فَجَاءَهُ قوم وأقاموه فَقَالَ مَا الْخَبَر فَقَالُوا قد تقدم الْملك الْعَادِل بِأخذ رُخَام هَذِه الْحُجْرَة فَخرج منكسفاً وَقَالَ استجيبت فِينَا دَعْوَة وَمَا أظنني أَجْلِس فِي ديوَان بعْدهَا أما سَمِعْتُمْ إِذا بالغوا فِي الدُّعَاء علينا قَالُوا خرب الله ديوانه وَمَا بعد الخراب إِلَّا اليباب ثمَّ دخل منزله وحم فَلم يخرج مِنْهُ إِلَّا مَيتا فَلَمَّا مَاتَ خَلفه ابْنه الأسعد صَاحب التَّرْجَمَة

وللخطير شعر مِنْهُ مَا قَالَه فِي أبي سعيد ابْن أبي الْيمن النحال بِالْحَاء الْمُهْملَة وَزِير الْعَادِل)

وَكَانَ نَصْرَانِيّا وَكَانَ ابْن النحال حسن الصُّورَة من السَّرِيع

(وشادنٍ لّما أَتَى مُقْبلاً ... سبّحتُ رَبّ الْعَرْش باريه)

(ومذ رأيتُ النَّمْل فِي خدّه ... أيقنتُ أنَّ الشّهد فِي فِيهِ)

وَكَانَ ابْن النحال يسكن فِي أول دربٍ آخِره صبي مليح يُسمى ابْن زنبور فَقَالَ الخطير من الطَّوِيل

(حوى دربُ كوز الزير كلَّ شمّرْدل ... مشدَّدة أوساطُهم بالزنانير)

(فأوّلُه للشهد والنحل منزل ... وأخره يَا سادتي للزنابير)

وَأما أسعد الْمَذْكُور فَإِنَّهُ خلف أَبَاهُ الخطير على ديوَان الْجَيْش وتصدر فِيهِ مُدَّة طَوِيلَة واختص بِصُحْبَة القَاضِي الْفَاضِل ونفق عَلَيْهِ وحظي عِنْده فَقَامَ بأَمْره وَنبهَ على قدره وصنف لَهُ عدَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>