للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تصانيف باسمه وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن ملك الْعَادِل بن أَيُّوب مصر وَكَانَ فِي نفس الصاحب صفي الدّين بن شكر من أسعد لِأَنَّهُ وَقعت مِنْهُ إهانة فِي حَقه فحقدها عَلَيْهِ وَلما ورد ابْن شكر إِلَى الْقَاهِرَة أقبل تعلى ابْن مماتي الْمَذْكُور إقبالاً عَظِيما وَأقرهُ على وظائفه وَتَركه على ذَلِك سنة ثمَّ عمل لَهُ المؤامرات وَوضع لَهُ المحالات وَأكْثر فِيهِ التأويلات وَلم يلْتَفت إِلَى أعذاره ونكبه نكبةً قبيحةً وأحال عَلَيْهِ الأجناد فقصدوه وطالبوه واشتكوه إِلَى أَن شكر فحكمهم فِيهِ قَالَ أسعد بن مماتي فآل أَمْرِي إِلَى أَن علقت على بَاب دَاري فِي يومٍ واحدٍ عشرَة مرّة فَلَمَّا رَأَوْا أَن لَا وَجه لي قَالُوا تحيل وَنجم هَذَا المَال فَقلت أما المَال فَلم يبْق عِنْدِي مَال وَلَكِن إِن أطلقت استجديت مِمَّن يخافني ويرجوني فنجموا عَليّ المَال وأطلقت فاستترت وقصدت القرافة وأخفيت نَفسِي فِي مَقْبرَة الماذرائيين وأقمت بهَا سنة وضاق الْأَمر عَليّ فهربت إِلَى الشَّام على اجتهادٍ من السّتْر والخفاء فلحقني فِي الطَّرِيق فَارس مجد فَسلم عَليّ وَدفع إِلَيّ كتابا ففضضته وَإِذا هُوَ من ابْن شكر يَقُول فِيهِ لَا تحسب أَن استتارك خَفِي عَليّ فَكَانَت أخبارك تَأتِينِي كل يَوْم بيومه وَقد كنت فِي قُبُور الماذرائيين بالقرافة مُنْذُ يَوْم كَذَا واجتزت ورأيتك وَلما هربت الْآن علمت خبرك وَلم أرد ردك وَلَو شِئْت رددتك وَلَو علمت أَنه بَقِي لَك مَال أَو حَال مَا تركتك وَلم يكن ذَنْبك عِنْدِي مَا أبلغ فِي مُقَابلَته عدم روحك وَإِنَّمَا كَانَ مقصودي أَن تعيش خَائفًا فَقِيرا غَرِيبا مهججاً فِي الْبِلَاد فَلَا تظن أَنَّك هربت مني بمكيدة خفيت عَليّ فَاذْهَبْ إِلَى غير دعة الله قَالَ وَتَرَكَنِي القاصد وَعَاد فوقفت مبهوتاً إِلَى أَن)

وصلت إِلَى حلب

وَلما وصل إِلَى حلب تَلقاهُ الظَّاهِر غَازِي بالإكرام وأجرى عَلَيْهِ فِي كل شهر عشرَة دَنَانِير غير برٍ وألطاف وَأقَام عِنْده على قدم العطلة من سنة أَربع وسِتمِائَة إِلَى أَن مَاتَ سنة سِتّ وسِتمِائَة بحلب وَدفن بِالْقربِ من تربة أبي بكر الْهَرَوِيّ

وَكَانَ علم الدّين ابْن الْحجَّاج شَرِيكه فِي الْجَيْش فهجاه بعدة أشعارٍ مِنْهَا من الوافر

(حكى نهرَين مَا فِي الأر ... ض مَن يحكيهما أبَدا)

(فَفي أَفعاله ثورا ... وَفِي أَلْفَاظه بَردَى)

وَكَانَت لَهُ نَوَادِر حِدة لما أحدث الْملك الظَّاهِر قناة المَاء بحلب وأجراها فِي دورها وشوارعها جعل السديد بن الْمُنْذر ينظر فِي مصالحها ورزقه فِي الشَّهْر على ذَلِك ثلثمِائة دِرْهَم فَسَأَلَ عَنهُ يَوْمًا الْأَمِير فَارس الدّين مَيْمُون القصري فَقَالَ ابْن مماتي مسرعاً هُوَ الْيَوْم مستخدم على الْقَنَاة

وَقيل لَهُ يَوْمًا أَي شَيْء يشبه ابْن الْمُنْذر فَقَالَ يشبه الزب وَكَانَ ابْن الْمُنْذر أَعور فاستبردوا ذَلِك وظنوه أَرَادَ عوره فَقَالَ مَا لكم لَا تَسْأَلُونِي كَيفَ بشبهه قَالُوا كَيفَ هُوَ قَالَ هُوَ أَقرع أصلع أَعور يسمع بِلَا أذن يدْخل المداخل الردية بحدة واجتهاد وَيرجع منكسراً

وَقَالَ دخلت يَوْمًا على القَاضِي الْفَاضِل رَحمَه اللع تَعَالَى فَوجدت بَين يَدَيْهِ أترجة كَبِيرَة مفرطة الضخامة من الأترج الشمعي فَلَمَّا جَلَست حدقت إِلَيْهَا وَاتفقَ لي فكر وَذُهُول فَأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>