(وَالله مَا فتنت عَيْني محاسنه ... إِلَّا وَقد سحرت أَلْفَاظه أُذُنِي)
فمتع الله الْوُجُود بكلم مَوْلَانَا الَّتِي هِيَ عوذة من الْغَيْر وجمال الْكتب وَالسير وَلَا أخلى الله من فَوَائده وَلَا قطع مَا أجراه على الْمَمْلُوك من عوائده وَقد بلغ الْمَمْلُوك سَلَامه وجبره مَمْلُوكه الْأَخ فَدَعَا وابتهل وشب جمر شوقه إِلَى رُؤْيَته بَعْدَمَا اكتهل وَقَالَ لَا بُد من الْعود إِلَى جنابه إِن كَانَ فِي الْعُمر مهل وَإِمَّا الْإِشَارَة الْكَرِيمَة فِي أَمر من ذكره مَوْلَانَا وَأَنه تعين وَتمكن وَتبين والنادرة اللائقة بذلك الْمقَام فَيَقُول الْمَمْلُوك أَنه مَا عَامل كَمَا عومل وَلَا قَابل كَمَا قوبل بل ادكر ركود الدَّهْر وهباته وَعمل بقول الحيص بيص فِي أبياته بعد أَن كبا سَرِيعا وخر للفم وَالْيَدَيْنِ صَرِيعًا الْكَامِل
(فعففت عَن أثوابه لَو إِنَّنِي ... كنت المقطر بزني أثوابي)
تمّ الْجَواب وَكتب إِلَيّ فِي وَقت لرمل
(دمت للآداب تنشي رسمها ... بيراع خطوه خطو فسيح)
(لَيْت شعري أَنْت يَا باعثها ... بَعْدَمَا مَاتَت خَلِيل أم مسيح)
فأجبت بِقَوْلِي الرمل
(اخْتَلَفْنَا لبديع النّظم فِي ... كل مَا تهديه من لفظ فصيح)
(قَالَ غَيْرِي هُوَ زهر قَالَ لَا ... قلت زهر قَالَ لي هَذَا الصَّحِيح)
وَكتب إِلَيّ يطْلب مني عَارِية كتاب التشبيهات لِابْنِ ظافر السَّرِيع
(لفظ ابْن ظافر قد ظَفرت بِهِ ... وفؤاد حبي مِنْهُ غير خلي)
(فبأحمد وَهُوَ الشفيعلنا ... أمتع أَبَا بكر بِلَفْظ عَليّ)
وَينْهى أَنه يحب لفظ على وتثقيله يزِيد ومنن مَوْلَانَا الْمَعْهُودَة لَا يثقل عَلَيْهَا أَن تفيء وتفيد وَقد سمع بِكِتَاب الْمشَار إِلَيْهِ وسؤاله مُشَاهدَة ذَلِك المحبوب وعارية هَذَا الْكتاب مُدَّة ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِك وعد غير مَكْذُوب هود
فاشتغلت عَن تَجْهِيزه بالحمى ثمَّ أنني جهزته وكتبت مَعَه السَّرِيع
(العَبْد مجبول الطباع على ... مَا تشْتَهي فِي القَوْل وَالْعَمَل)
(وَمَعَ التوالي فِي ودادك لم ... أمنع أَبَا بكر كَلَام عَليّ)
فَكتب إِلَيّ قبل وُصُوله إِلَيْهِ الطَّوِيل)
(عذيري مِنْهُ معرضًا متجنباً ... كَأَنِّي لَهُ نَحْو الوداد أجاذب)