من السُّورَة وَأمكنهُ غَفلَة الرقباء فاختلس الزورة وسابق حراف الْمَمْلُوك وقاطع عَلَيْهِ الذرْوَة الْبَسِيط
(تشكي الْمُحب وتشكو وَهِي ظالمة ... كالقوس تصمى الرمايا وَهِي مرنان)
وَقد تمثل الْمَمْلُوك بِهَذَا الْبَيْت دون غَيره من الْأَمْثَال لِأَنَّهُ أنسب بمولانا وَأقرب وتخيل مَا يعهده من توهم مَوْلَانَا فَلم يقل يلْدغ ويصي كالعقرب على أَن الْمَمْلُوك أَحَق بِهَذِهِ المعاتبة وأليق بِأَن يصدر عَنهُ مثل تِلْكَ الْمُكَاتبَة وَإِذ قد فتح هَذَا الْبَاب ونوقش فِي مثل هَذَا الْحساب فاسكب دموعك يَا غمام ونسكب نظهر مَا فِي زَوَايَا الجوانح من الخبايا وَنَتبع مَا فِي الْقلب إِن كَانَ حب مَوْلَانَا ترك مِنْهَا بقايا وَإِن كَانَ مَوْلَانَا حمل الْبَرِيد هَذِه البطاقة فَعِنْدَ الْمَمْلُوك مَا يعجز عَن حمله المطايا هَيْهَات مَا هَذَا مقَام يحصل فِيهِ الصَّفَا وَلَو كَانَ هَذَا مَوضِع العتب لاشتفى الْبَسِيط
(فَمَا يقوم لأهل الْحبّ بَيِّنَة ... على بَيَاض صباح أَو سَواد دجا الطَّوِيل)
(وَإِن شِئْت ألقينا التَّفَاضُل بَيْننَا ... وَقُلْنَا جميلاً واقتصرنا على الود)
استطرد الْمَمْلُوك بِهَذَا الْفَصْل وَهُوَ قَبِيح بِصدق ولَايَة ونكتة سَواد كَأَنَّهَا الْخَال لَكِنَّهَا مَا تلِيق بوجنة صفائه وَلَكِن الود إِذا مَا صفا لم يتَحَمَّل مَعَه الضَّمِير أَذَى وَلم تغمض الجفون مِنْهُ على قذى الْبَسِيط
(مَا ناصحتك خبايا الود من رجل ... مَا لم ينلك بمكروه من العذل)
(محبتي فِيك تأبى إِن تسامحني ... بِأَن أَرَاك على شَيْء من الزلل)
وَإِن اتّفق اقتراب فَلِكُل سُؤال جَوَاب وَمن كل جرم متاب وَلكُل صَغِيرَة وكبيرة مناقشة وحساب وَلكُل ظمأ إِمَّا سقيا رَحْمَة أَو سقيا عَذَاب الوافر
(وَإِن ظَفرت بِنَا أَيدي المنايا ... فكم من حسرة تَحت التُّرَاب)
وَقد اشْتغل الْمَمْلُوك بِهَذَا الْفَصْل وَلَو وفْق فِي هَذِه الْخدمَة قطع مِنْهَا هَذَا الْوَصْل وَجرى على عَادَته فِي الأغضاء وَطلب النَّصْر بالبصر لَا بِالنّصب مجزوء الْكَامِل
(فالعمر أقصر مُدَّة ... من أَن يضيع بالعتاب)
ويستغفر الله الْمَمْلُوك من هَذَا على أَن مَوْلَانَا عود الْمَمْلُوك بِالِاحْتِمَالِ إِذا آذَى وَيرجع إِلَى وصف مِثَال مَوْلَانَا فَيَقُول أَنه الحديقة وَالرَّوْض الَّذِي جمع الأزاهر إِلَّا أَنه عدم شقيقه وَالْفضل الَّذِي صدر)
عَن أمثل النَّاس طَرِيقه والقادم الَّذِي كَأَنَّهُ ولد جَاءَ بعد الْيَأْس وَأَن عملت لَهُ الدُّمُوع عقيقة الْبَسِيط