للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْخَيل ثمَّ أَتَاهُ مَمْلُوك كَانَ لَهُ بِمصْر وَقَالَ لَهُ السُّلْطَان رسم لَك بنيابة حلب ورسم أَنَّك تروح إِلَى مصر لتلبس تشريفك وَتَأْخُذ تقليدم وتعود فطار خوفًا وَكَانَ فِي مرج حِين فَأَتَاهُ فِي الْحَال مَمْلُوك صهره أيدمر الزرد كاش يعرفهُ بِأَنَّهُ مَأْخُوذ ويحرضه على الْخُرُوج فَخرج

قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين وَحكى لي عماد الدّين إِبْرَاهِيم بن الشهَاب الرُّومِي إِن الأفرم مَا خرج إِلَى مرج حِين إِلَّا بنية الهروب وَقَالَ كنت عِنْده قبل خُرُوجه إِلَى مرج حِين يَوْمًا فَبينا نَحن قعُود نَأْكُل إِذْ جَاءَ إِلَيْهِ مَمْلُوك من مماليك قراسنقر فَسلم عَلَيْهِ ثمَّ قعد فَأكل حَتَّى فَرغْنَا وَخرجت المماليك وَلم يبْق عِنْده إِلَّا الجمدارية للنوبة وَأَنا لَا غير فَتقدم إِلَيْهِ الْمُلُوك وَقَالَ لَهُ أَخُوك يسلم عَلَيْك وَقد بعث لَك معي هَدِيَّة فَقَالَ وَأَيْنَ الْكتاب قَالَ مَا معي كتاب قَالَ فالمشافهة قَالَ مَا معي مشافهة قَالَ إِلَّا أيش قَالَ هَدِيَّة لَا غير قَالَ هَاتِهَا فَخرج خرقَة)

فَحلهَا ثمَّ نَاوَلَهُ تفاحةً ثمَّ نَاوَلَهُ بعْدهَا مئزراً أسود ثمَّ نَاوَلَهُ بعده نصفيةً هَكَذَا على التَّرْتِيب ثمَّ خرج فَقَالَ لَهُ اقعد قَالَ مَا معي دستور بأنني أقعد بعد إِيصَال الْهَدِيَّة فَوَجَمَ الأفرم وساره فِي أُذُنه ثمَّ أعطَاهُ نَفَقَة وسفره لوقته فَلَمَّا خرج قَالَ لي أتعرف أيش هِيَ هَذِه الْهَدِيَّة فَقلت لَا وَالله يَا خوند لَا يكثر الله لَهُ خيرا فَقَالَ أسكت والك بعث يَقُول إِن كنت تُرِيدُ أَنَّك تشم هَوَاء الدُّنْيَا مِثْلَمَا تشم هَذِه التفاحة فأته فِي اللَّيْل الَّذِي هُوَ مثل هَذَا المئزر وَإِلَّا فَهَذِهِ النصفية كفنك قَالَ فعجبت لسرعة فطنة الأفرم لقصده وَمَا رمز عَلَيْهِ وَخرج الأفرم ولاقاه الزردكاش وسارا مَعًا وَعبر الأفرم على مرج الأسل وَبِه الْعَسْكَر الْمصْرِيّ مُجَردا لمَنعه من اللحاق بقرًا سنقر فَلَمَّا أشرف على المرج وَرَأى الْعَسْكَر قَالَ شدوا لي حَماما وَكَانَ حصاناً لَهُ يعْتَمد عَلَيْهِ فَرَكبهُ وَعَلِيهِ كبر أطلس أَحْمَر وكوفية وَرمحه فِي يَده ثمَّ قَالَ للثقل يكاسرون ويعبرون فَلَمَّا عبروا لم يتَعَرَّض إِلَيْهِم أحد ثمَّ أَمر الطّلب أَن يعبر مفرقاً وَقَالَ لِأَن هَؤُلَاءِ وَمَا أَنا فيهم ظنُّوا أنني فِي الصَّيْد وَمَا الْقَصْد إِلَّا أَنا فَمَا يعارضونهم لِئَلَّا أجفل أَنا فَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ لأَنهم عبروا عَلَيْهِم مفرقين وَلم يتَعَرَّضُوا وَلما تعدوهم أقبل هُوَ وَحده وشق العساكر وَلم يفْطن لَهُ أحد وَلَا عرف أَنه الأفرم وَلما خَرجُوا من الْمضيق اجْتَمعُوا وَرفع الْعِصَابَة فَوق رَأسه وَسَار وَلم يتبعهُ أحد وَلما قرب من قراسنقر مَا اجْتمعَا إِلَّا بعد مراسلات عديدة وأيمان ومواثيق لِأَن الأفرم تخيل فِي نَفسه أَن قراسنقر فعل ذَلِك مكيدةً للقبض عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ حازماً لَهُ فكرة فِي العواقب وَلما اجْتمعَا سارا فِي الْبَريَّة قَاصِدين مهنا بن عِيسَى وَكَانَ قراسنقر قد ترامى إِلَى مهنا وترامى الأفرم إِلَى أَخِيه مُحَمَّد

قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين حكى لي سنجر الْبَيْرُوتِي وَكَانَ أكبر مماليك الأفرم قَالَ لما فارقا أَطْرَاف الْبِلَاد الْتفت الأفرم إِلَى جِهَة الشَّام وَأنْشد من الطَّوِيل

(سيذكرني قومِي إِذا جد جدهم ... وَفِي اللَّيْلَة الظلماء يفتقد البدرُ)

وَبكى فَقَالَ لَهُ قراسنقر روج بِلَا فشار نبكي عَلَيْهِم وَلَا يَبْكُونَ علينا فَقَالَ مَا بِي إِلَّا فِرَاق ابْني مُوسَى فَقَالَ أَي بغاية بصقت فِي رَحمهَا جَاءَ مِنْهَا مُوسَى وَعلي وخليل وَذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>