جَهَنَّم
قَالَ الْأَصْمَعِي كَانَ الحطيئة جشعاً سؤولاً محلفاً دني النَّفس كثير الشَّرّ قَلِيل الْخَيْر بَخِيلًا قَبِيح المنظر رث الْهَيْئَة مغموز النّسَب فَاسد الدّين
وهجا الزبْرِقَان بن بدر بالأبيات السينية الَّتِي مِنْهَا من الْبَسِيط
(دع المكارم لَا ترحل لبغيتها ... واقعد فَإنَّك أَنْت الطاعم الكاسي)
فاستدعى عَلَيْهِ الزرقان إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فرفعه عمر إِلَيْهِ واستنشده فَقَالَ عمر لحسان أتراه هجاه فَقَالَ نعم وسلح عَلَيْهِ فحبسه عمر وَقيل جعله فِي بئرٍ ثمَّ ألقِي عَلَيْهِ شَيْء فَقَالَ)
من الْبَسِيط
(مَاذَا تَقول لأفراخ بِذِي مرخ ... زغب الحواصل لَا مَاء وَلَا شجر)
(ألقيت كاسبهم فِي قَعْر مظلمةٍ ... فَاغْفِر عَلَيْك سَلام الله يَا عمر)
(أَنْت الإِمَام الَّذِي من بعده صَاحبه ... أَلْقَت إِلَيْك مقاليد النهى الْبشر)
(لم يؤثروك بِهِ إِذْ قدموك لَهَا ... لَكِن لأَنْفُسِهِمْ كَانَت بك الْأَثر)
فَأخْرجهُ وَقَالَ إياك وهجاء النَّاس
فَقَالَ إِذا تَمُوت عيالي جوعا هَذَا مكسبي وَمِنْه معاشي
قَالَ فإياك والمقذع من القَوْل
قَالَ وَمَا المقذع قَالَ أَن تخاير بَين النَّاس فَتَقول فلَان خير من فلَان وَآل فلَان خير من آل فلَان قَالَ فَأَنت وَالله أهجا مني
ثمَّ قَالَ لَوْلَا أَن تكون سبة لَقطعت لِسَانه وَلَكِن اذْهَبْ فَأَنت لَهُ يَا زبرقان
فَألْقى الزبْرِقَان فِي رقبته عِمَامَة فاقتاده بهَا فعارضته غطفان فَقَالَت لَهُ يَا أَبَا شذرة إخْوَتك وَبَنُو عمك فهبه لنا فوهبه لَهُم
وَقيل إِن عمر رَضِي الله لما أطلقهُ اشْترى مِنْهُ أَعْرَاض الْمُسلمين بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم ليؤكد
قلت لم يخف عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن ذَلِك هجو وَلكنه أَرَادَ درا الْحَد بِالشُّبْهَةِ
وَقَالَ العسكري فِي كتاب الْأَوَائِل بَعْدَمَا أورد الأبيات الرائية للحطيئة فَأخْرجهُ عمر وَجلسَ على كرْسِي وَأخذ شفرةً وأوهمه أَنه يُرِيد قطع لِسَانه فَضَجَّ وَقَالَ أَنا وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد هجوت أبي وَأمي وهجوت نَفسِي وامرأتي فبتسم عمر وَقَالَ مَا الَّذِي قلت قَالَ قلت لأبي وَأمي من الْكَامِل
(وَلَقَد رَأَيْتُك فِي النِّسَاء فسؤتني ... وَأبي ينيك فساءني فِي الْمجْلس)
وَقلت فِي امْرَأَتي من الوافر
(تنحي واقعدي مني بَعيدا ... أراح الله مِنْك العالمينا)
(ألم أظهر لَك الْبغضَاء مني ... وَلَكِن لَا أخالك تعقلينا)
(أغربالاً إِذا اسْتوْدعت سرا ... وكانوناً على المتحدثينا)
وَقلت فِي نَفسِي من الطَّوِيل)
(أَبَت شفتاي الْيَوْم إِلَّا تكلماً ... بِسوء فَلَا أَدْرِي لمن أَنا قَائِله)