للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَيحك من أَلْقَاك فِي نسبةٍ ... قَلْبك مِنْهَا الدَّهر مذعور)

ومدح أَبُو تَمام الْخُلَفَاء وَأخذ جوائزهم وجاب الْبِلَاد وَقصد الْبَصْرَة وَبهَا عبد الصَّمد بن المعذَّل الشَّاعِر وَكَانَ فِي جمَاعَة من غلمانه وَأَتْبَاعه فخاف عبد الصَّمد أَن يمِيل النَّاس إِلَيْهِ ويعرضوا عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ دُخُوله قبل دُخُوله من الْخَفِيف أَنْت بَين اثْنَتَيْنِ تبرز للنَّاس وكلتاهما بوجهٍ مذال

(لست تنفكّ راجياً لوصالٍ ... من حبيبٍ أَو طَالبا لنوال)

(أيّ ماءٍ يبْقى لوجهك هَذَا ... بَين ذلِّ الْهوى وذل السُّؤَال)

فَلَمَّا وقف أَبُو تَمام على الأبيات أضْرب عَن قَصده وَرجع وَقَالَ قد شغل هَذَا مَا يَلِيهِ فَلَا حَاجَة)

لنا فِيهِ وَقيل إِنَّه لما وقف على الأبيات قَلبهَا وَكتب فِي ظهرهَا جَوَابا من الْبَسِيط

(أفيَّ ينظم قَول الزُّور والفند ... وَأَنت أنقص من لَا شَيْء فِي الْعدَد)

(أشرجت قَلْبك من غيظٍ على حنقٍ ... كَأَنَّهَا حركات الرّوح فِي الْجَسَد)

(أقدمت وَيلك من هجوي على خطرٍ ... كالعير يقدم من خوف على الْأسد)

فَلَمَّا وقف عبد الصَّمد على الأول قَالَ مَا أحسن علمه بالجدل أوجب زِيَادَة ونقصاً على مَعْدُوم وَلما وقف على الثَّانِي قَالَ الإشراج من عمل الفراشين وَلَا مدْخل لَهُ هَهُنَا وَلما وقف على الثَّالِث عضَّ على شفته وَقَالَ قتل

وَقد تنوّع الإخباريون فِي إِيرَاد هَذِه الأبيات اللاّمية فَتَارَة يوردونها لِابْنِ المعذَّل وَتارَة يوردونها لبَعض الغلمان المردان وَأَنه طلع تلقَّى أَبَا تَمام وتعرَّض لَهُ وأطعمه فِي نَفسه فَلَمَّا عرَّض لَهُ أَبُو تَمام بِطَلَب الْوِصَال أنْشدهُ هَذِه الأبيات فاستحيى أَبُو تَمام وكرَّ رَاجعا من حَيْثُ أتلى وَلم يدْخل الْبَلَد وَتارَة يوردونها على غير هَذِه الصُّورَة واشتهرت هَذِه الأبيات بَين أهل الْأَدَب حَتَّى قَالَ مجير الدّين مُحَمَّد بن تَمِيم من الْخَفِيف أَنْت بَين اثْنَتَيْنِ يَا نجل يَعْقُوب وكلتاهما مقرُّ السياده

(لست تنفك رَاكِبًا أير عبدٍ ... مسبطرّاً أَو حَامِلا خفَّ غاده)

(أَي مَاء لحرّ وَجهك يبْقى ... بَين ذل البغا وذل القياده)

وَكَانَ أَبُو تَمام أسمر طَويلا حُلْو الْكَلَام فِيهِ تمتمةٌ يسيرَة قيل إِن الْحسن ابْن وهب عني بِهِ فولاّه بريد الْموصل فَأَقَامَ بِهِ أقلّ من سنتَيْن وَتُوفِّي

وَلما قصد أَبُو تَمام عبد الله بن طَاهِر بن الْحُسَيْن بخراسان وامتدحه بالقصيدة الَّتِي أوّلها هنَّ عوادي يوسفٍ وصواحبه أنكر عَلَيْهِ أَبُو سعيد الضَّرِير وَأَبُو العميثل هَذَا الِابْتِدَاء وَقَالا لَهُ لم لَا تَقول مَا يفهم فَقَالَ لَهُم لم لَا تفهمان مَا يُقَال فَاسْتحْسن مِنْهُ هَذَا الْجَواب على الْفَوْر

<<  <  ج: ص:  >  >>