(يَا سَاكن الرَّوْضَة أَنْت المشتهى ... من هَذِه الدُّنْيَا وَأَنت الْمُقْتَضى)
(وَيَا سرُور النَّفس بَين الشعرا ... أَنْت الرضي فيهم والمرتضى)
(وَيَا سِرَاجًا لم تزل أنواره ... تعيد أسود اللَّيَالِي أبيضا)
(مَا لي أَرَاك قَاطعا لواصلٍ ... ومعرضاً عَن مقبلٍ مَا أعرضا)
فَأجَاب السراج من مسدس الرجز
(يَا سهم عتب جَاءَ من كنَانَة ... أصبت من سَواد قلبِي الغرضا)
(لَكِن أسوت مَا جرحته بِمَا ... أعقبته من العتاب بالرضى)
(يَا ابْن النَّقِيب لَا أرى منقبةً ... إِلَّا وأولتك الثَّنَاء الأبيضا)
(إِن ولائي حسنٌ فِي حسنٍ ... إِذْ مَا أرى لعمرٍ أَن يرفضا)
وَكتب ابْن النَّقِيب إِلَى السراج أَيْضا من المنسرح)
(ذكرت لي أَنَّك احْتَلَمت كَمَا ... يَحْتَلِم النائمون فِي النّوم)
(فليت شعري مَا كَانَ مِنْك وَمَا ... جوَار ذِي الدَّار بعد ذَا الْيَوْم)
فَأجَاب السراج من المنسرح
(قد تمّ مَا تمّ مِنْك على تلكؤ ... وَكَانَ الحَدِيث فِي الصَّوْم)
(فَخَل بحراً إِن خضت فِيهِ معي ... غرقت مَعَ مَا لديك من عوم)
وَكَانَ يهدي إِلَيْهِ السراج عنباً فَكتب ابْن النَّقِيب من المتقارب
(أيا كرم فَاضل هَذَا الزَّمَان ... سراج الْمُلُوك الْفَتى الْكَامِل)
(وَيَا عنباً مِنْهُ مَا جَاءَنِي ... وَقَالَ سآتيك فِي قَابل)
(لأَنْت أَحَق بِأَن لَا يُقَال ... سوى فِيك يَا عِنَب الْفَاضِل)
(وَمَا زلت مني داني القطوف ... أرضع من دَرك الحافل)
(ويلحفني ظلك المشتهى ... فَلَا كَانَ ظلك بالزائل)
(وَإِن كنت زببت فَوق الْعَريش ... فَلَا تأتنا وابق فِي الْحَاصِل)
فَأجَاب الْوراق من أَبْيَات من المتقارب
(أَتَانِي عتبٌ حلا فَضله ... فصحفته عِنَب الْفَاضِل)
(وَمَا أنس لَا أنس مطويةً ... على الْجد من لفظك الهازل)
(وصفت الكروم بهَا فِي كلامٍ ... جلبت بِهِ الْخمر من بابل)
(وَقد كنت فِي سنتي هَذِه ... عَن الْكَرم فِي شغلٍ شاغل)
(أمورٌ بلغت بِهن الطَّلَاق ... فزلت وَمَا أَنا بالزائل)
فو أسفاه لتِلْك القطوف دانيةً من فَم الْآكِل
(فَنقرَ العصافير من خَارج ... وَنقل المدابير من دَاخل)
(وَلَا تتهم كرمنا بالزبيب ... أُعِيذك من دهشة الذاهل)
(فَإنَّا بنادره حصرماً ... لميل النُّفُوس إِلَى العاجل)
وَقَالَ السراج الْوراق يرثيه وَمن خطه نقلت من الْبَسِيط