سمساراً فِي بَلَده متأدباً ظريفاً سَأَلَني أَن أخرج مَعَه إِلَى تَوْبَة لنشرب فَخرجت مَعَه واستصحبت مغنياً يعرف بِابْن ديار رطوب وَألقى إِلَيْهِ أَن لَا يُغني إِلَّا بِشعرِهِ فغنى من مجزوء الْكَامِل
(لَو كَانَ كل عليلٍ ... يزْدَاد مثلك حسنا)
(لَكَانَ كل عليلٍ ... يود لَو كَانَ مضنى)
(يَا أكمل النَّاس حسنا ... صل أكمل النَّاس حزنا)
(غيبت عني وَمَالِي ... وجهٌ بِهِ عَنْك أغْنى)
وَكَانَ قد صنف كتاب سرقات المتنبي وحاف عَلَيْهِ وعذلته فَلم يرجع قلت هَل تثقل عَلَيْك الْمُوَافقَة قَالَ لَا قلت أبياتك مَأْخُوذَة الأول من وَاحِد وَالثَّانِي من آخر فَالْأول من قَوْله من الوافر
(فَلَو كَانَ الْمَرِيض يزِيد حسنا ... كَمَا تزداد أَنْت على السقام)
(لما عيد الْمَرِيض إِذا وعدت ... شكايته من النعم الْعِظَام)
وَالثَّانِي من قَول رؤبة من الرجز
(مُسلم مَا أنساك مَا حييت ... لَو أشْرب السلوان مَا سليت)
مَا لي غنى عَنْك وَإِن غنيت فَقَالَ وَالله مَا سَمِعت بِهَذَا فَقلت فَإِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فَاعْتَذر بِمثلِهِ للمتنبي
وَمن شعر ابْن وَكِيع من الْخَفِيف
(قلت للمعرض الَّذِي صد عني ... دم على الهجر واجتهد فِي بعادك)
نَاب طيف الخيال لي عَنْك بالوصل فأغنى وداده عَن ودادك
(قَالَ مَا زارك الخيال لبرٍّ ... أَنا أَرْسلتهُ لطرد رقادك)
وَمِنْه من المتقارب)
(لَهُ مضحك برقه خاطفٌ ... عقول الرِّجَال إِذا مَا ابتسم)
(أَقُول لَهُ إِذْ بدا دره ... شَهِيدا لناظمه بالحكم)
(أرى الدّرّ يثقبه الناظمون ... وَمَا ثقبوا ذَا فَكيف انتظم)
وَمِنْه من السَّرِيع
(حاسبني الدَّهْر على مَا مضى ... بدل فرحاتي بترحات)
(فليته جازى بِمَا نلته ... لكنه أَضْعَف مَرَّات)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(ونحرٍ كَأَن الله للثم صاغه ... وَبَعض نحور النَّاس يصلح للنحر)