للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنه محرم الابتياع وَينْدب إِلَى المناداة عَلَيْهِ بِشَرْط الِاتِّبَاع مَعَ أَنه عينٌ طَاهِرَة يَصح بهَا الِانْتِفَاع كم صلى خلف إِمَام واقتدى بِهِ وَهُوَ إِمَام حينا يُوجد فِي الشَّام وحيناً فِي بَيت الله الْحَرَام وحيناً ترَاهُ قَائِما فِي ظلام اللَّيْل وَالنَّاس نيام والعروضي يعلم أَنه بيتٌ برع حسنا واستقام وزنا نظم على الْبَسِيط وَهُوَ طَوِيل وَركب من سببين خفيفٍ وثقيل ينزحف بِحَذْف فاصلةٍ صغرى ويتغير وَزنه فترى فِيهِ كسراً خمساه حرف من الْحُرُوف وَبَعضه فِي بعضه يطوف وَإِن حذف أَوله فباقيه بلدٌ مَعْرُوف وَمَعَ ذَلِك فَكل حرفٍ مِنْهُ ساكنٌ يَصح عَلَيْهِ الْوُقُوف وَفِيه أعمالٌ أقصرت عَنْهَا واختصرت مِنْهَا خيفة الْملَل وتخفيفاً فِي الْعَمَل وَقد قصدت بَيَان الجناب ورصدت إتْيَان الْجَواب

وَطلب مني الْجَواب عَن ذَلِك فَكتبت

(وَإِن صخراً لتأتم الهداة بِهِ ... كَأَنَّهُ علمٌ فِي رَأسه نَار)

لحقيق بِأَن يصفه مَوْلَانَا وصف الخنساء ويعدد محاسنه الَّتِي أربت كثرتها على رَملَة الوعساء ويستغرق أَوْصَافه الَّتِي استوعبت فِي سردها ويركض فِي ميادين البلاغة على مطهمات نعوته وجردها حَتَّى أبدع فِي مقاصده الَّتِي وقف لَهَا كل سَائل وَقَالَ فَلم يتْرك مقَالا)

لقَائِل وَفتح بَابا لَيْسَ للنَّاس عَلَيْهِ طَاقَة وَأصْبح فِي التَّقَدُّم لعصابة الْأَدَب رَأْسا وَالنَّاس ساقة

لَا جرم أَن هَذَا الملغز فِيهِ قَالَ بعض واصفيه من الْخَفِيف

(علمٌ مفردٌ فَإِن رَفَعُوهُ ... رَفَعُوهُ قصدا لأجل الْبناء)

أنثوه وَمِنْه قد عرف التَّذْكِير فَانْظُر تنَاقض الْأَشْيَاء وَأما الْمَمْلُوك فَيَقُول فِيهِ إِنَّه صَاحب الرِّبَاط والزاوية وَالْمقَام الَّذِي يُقَال لقاعديه الْجَبَل يَا سَارِيَة وَالْقِسْمَة الَّتِي هِيَ على صِحَة الِاخْتِلَاف مُتَسَاوِيَة كم فِي الزوايا مِنْهُ خبية حنية وَكم علق عَلَيْهِ ذُرِّيَّة من الْكَوَاكِب الدرية كم رأى النَّاس فِي قِيَامه من قَاعِدَة وَكم لشهادته من كلمةٍ إِلَى الْعَرْش صاعدة وَكم تليت على الصحن مِنْهُ آيَة من الْمَائِدَة يكَاد من علاهُ يسامر النُّجُوم فِي الدجنة ويرقى كل حينٍ وَلَيْسَ بِهِ فِي النَّاس جنَّة هلاله لَا يزِيد وَلَا ينقص فِي الطّرف وراقيه يعبد الله على حرف قد حسن مِنْهُ عَكسه الْمُصحف وَعظم قدره فِي الْبناء فَلَا بدع إِذا تشرف عجب الْعَرُوضِي من بسيطه الطَّوِيل الوافر ووقف على ساقٍ وَاحِدَة وَكم كَانَ لَهُ من حافر واستقام خطه وَفِيه الدائر وشاهدنا القرنصة فِيهِ وَهُوَ غير طَائِر وَأقَام مَكَانَهُ ونداؤه لسَائِر الْمُسلمين سَائِر يُجيب نداءه الْمُلُوك والملائك وَيرى من يعلوه وَهُوَ متكئٌ على الأرائك من الطَّوِيل

(إِذا مَا اطمأنت دونه السحب إِنَّه ... لَهُ همةٌ لم ترض إِلَّا التناهيا)

(وحسبك أَن القائمين بِحقِّهِ ... يحوزون فِي الدَّاريْنِ مِنْهُ المعاليا)

(شَهَادَته مَا ردهَا غير كَافِر ... ويقبلها من كَانَ بِالْحَقِّ قَاضِيا)

(يَقُول مَعَاني الطِّبّ يَا عجبا لَهُ ... يَصح وَقد ضمت حشاه المراقيا)

<<  <  ج: ص:  >  >>