إِن قبل هَذَا الدرّ فالدرّ دونه وَلكنه زهر الدراري بل اسنى وقرَّظ ذَلِك الْفضل الراسخ والبديع الَّذِي إِذا تعاطاه فَهُوَ الْمُبْدع وَإِن تعاطاه غَيره فَإِنَّهُ النَّاسِخ وكلّف فكره الْإِجَابَة فاستقال
وعاوده فَمَا زَاد على أَن قَالَ كنت تقدر على هَذَا والبديهة مطاوعة والقريحة مسارعة والخاطر نقّاد والفكر منقاد والمواد مجتمعة والمسالك متّسعة والشباب جَامع لهَذِهِ الْأَسْبَاب والفراغ رادع عَن الإحجام عَن اقتحام هَذَا الْبَاب فأمّا الْآن فخاطرك مكدود وَبَاب نشاطك مسدود وعوارض الْكبر رادعة وهواجس الْفِكر فِي أَمر معادك صادَّة صادعة فَعلم الْمَمْلُوك صدق هَذَا الْجَواب وَكَاد يُوَافق الخاطر على التوجّه صوب هَذَا الصَّوْت وَلَكِن خشِي أَن ينْسب إِلَى إهمال حقِّ سيّده وَمن يَرْجُو بركَة سلفه ليومه وغده فسطَّرها الْمَمْلُوك معتذرةً عَن قصوره مقترنةً بنظمٍ تتطاول بيوته إِلَى مَنَارَة قصوره من الطَّوِيل
(فَمَا هُوَ من أكفاء أبياتك الَّتِي ... سررت بهَا سرِّي وأعليت لي قدري)
(وشتَّان مَا بَين الثريا إِلَى الثرى ... وَأَيْنَ السُّهى من طلعة الْقَمَر الْبَدْر)
وَهِي من الطَّوِيل
(ذكرت وَلم أنس الزَّمَان الَّذِي خلا ... فَعَاد غرامي مِثْلَمَا كَانَ أوَّلا)
(وعاودني ذكرى حبيبٍ ومنزلٍ ... فَوَافَقت من يبكي حبيباً ومنزلا)
(أحنُّ وَمَا يجدي الحنين وَبَين من ... أحبُّ وبيني الضَّعف والسِّنُّ والفلا)
(إِذا نهضت بِي همَّة الشَّوق أقعدت ... عوائق أدناهنَّ يذبلن يذبلا)
)
(فواهاً لأيام الشَّبَاب الَّتِي مَضَت ... وأبقت حنيناً بعْدهَا مَا انْقَضى وَلَا)
(وَللَّه عيشٌ مرَّ فِي مصر لم يرق ... لنَفْسي عيشٌ مذ تقضَّى وَلَا حلا)
(وإخوان صدقٍ كنت مِنْهُم مجاوراً ... شموس الْهدى سحب النَّدى شهب الْعلَا)
(علوا شرفاً سادوا نهى كرموا ندىً ... زكوا سلفا طالوا علا كملوا حلا)
(وعهدي بهم لَا أبعد الله عَهدهم ... يداوون دَاء الْخطب أعيى وأعضلا)
(يفون بحقِّ الْجَار والدهر غادرٌ ... ويسخون إِذْ يلفى الْغَمَام مبخَّلا)
(ويسري إِلَى عافيهم نشر جودهم ... فيهدي إِلَيْهِم من أَتَاهُم مؤمِّلا)
(إِذا ذكرُوا فِي مجلسٍ خلت ذكرهم ... بأرجائه مسكاً ذكياً ومندلا)
(وأقربهم عهدا عليٌ فإنَّه مضى ... وَبِه عقد العلى قد تكمَّلا)
مِنْهَا
(فقد كَانَ برّاً بِي أرَاهُ على الَّذِي ... يرى أنَّ فِيهِ راحتي متطفِّلا)