لَا فَقَالَ لَهُ أَمِير جاندار كَانَ عِنْده علم من هَذِه الْقَضِيَّة قَالَ نعم هُوَ أول من أَشَارَ بهَا فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جَاءَ كتبغا فِي طلب نَحْو أَلفَيْنِ من الخاصَّكية وَغَيرهم ثمَّ قَالَ كتبغا لبيدرا أَيْن السّلطان ورماه بالنشّاب ورموا كلّهم بالنشّاب وقتلوه وتفرَّق جمعه قَالَ فَلَمَّا رَأينَا ذَلِك التجأنا إِلَى جبلٍ واختلطنا بِالطَّلَبِ الَّذِي جَاءَ فَعرفنَا بعض أَصْحَابنَا فَقَالَ لنا شدّوا بالعجلة مناديلكم فِي أرقابكم إِلَى تَحت الْإِبِط يَعْنِي شعارهم
قَالَ ابْن المحفَّدار وَسَأَلت شهَاب الدّين ابْن الأشلّ كَيفَ كَانَ قتل السُّلْطَان قَالَ جَاءَ إِلَيْهِ بعد رحيل الدّهليز الْخَبَر أَن بترُّوجة طيراً كثيرا فَقَالَ لي امش بِنَا حَتَّى نسبق الخاصَّكيَّة فَرَكبْنَا وسرنا فَرَأَيْنَا طيراً كثيرا فَرمى بالبندق وصرع كثيرا ثمَّ قَالَ أَنا جيعان فَهَل مَعَك شيءٌ تطعمني فَقلت مَا معي سوى فرُّوجة ورغيف فِي سولقي فَقَالَ هاته فناولته فَأَكله ثمَّ قَالَ امسك فرسي حَتَّى أبول قَالَ فَقلت مَا فِيهَا حِيلَة أَنْت رَاكب حصان وَأَنا رَاكب حجر وَمَا)
يتفقان فَقَالَ انْزِلْ أَنْت واركب خَلْفي وأركب أَنا الْحجر الَّتِي لَك وَهِي تقف مَعَ الحصان إِذا كنت فَوْقه فَنزلت وناولته لجامها وَركبت خَلفه ثمَّ نزل هُوَ وَجعل يريق المَاء ويولع بِذكرِهِ ويمازحني ثمَّ ركب حصانه وَأمْسك الْحجر لي حَتَّى ركبت وَإِذا بغبار عَظِيم فَقَالَ لي سُقْ واكشف الْخَبَر فسقت وَإِذا ببيدرا والأمراء فسألتهم عَن سَبَب مجيئهم فَلم يردّوا عليّ وَسَاقُوا إِلَى السُّلْطَان وقتلوه ثمَّ إِنَّه بعد يَوْمَيْنِ طلع وَالِي ترّوجة وغسلوه وكفّنوه ووضعوه فِي تَابُوت وسيَّروا من الْقَاهِرَة الْأَمِير سعد الدّين كوجبا الناصري فأحضر التابوت وَدفن فِي تربة والدته وَذَلِكَ سنة ثلاثٍ وَتِسْعين وستّ مائَة وَكَانَ من أَبنَاء الثَّلَاثِينَ أَو أقلّ
ذكر فتوحاته عكا وصور وصيدا وبيروت وقلعة الرّوم وبهسنى وَجَمِيع السَّاحِل فِي أقرب مُدَّة وَكَانَ مُدَّة ملكه ثَلَاث سِنِين وشهرين وَخَمْسَة أَيَّام وَكَانَ كرمه زَائِدا وإطلاقاته عَظِيمَة
وَكَانَت واقعته تسمَّى وقْعَة الْأَيْدِي والأكتاف لِأَن جَمِيع من وَافق عَلَيْهِ قطِّعت أَيْديهم أَولا وَفِيهِمْ من سمِّر وَفِيهِمْ من أحرق وَفِيهِمْ من قتل وَلم يجدَّد فِي زَمَانه مظْلمَة وَلَا استجد ضَمَان مكس وَكَانَ يحب الشّام وَأَهله وَحدثت أَنه كَانَ بِدِمَشْق قبل ولَايَة الْأَشْرَف يُؤْخَذ عِنْد بَاب الْجَابِيَة على كل حملٍ يحمل غلَّةً خَمْسَة دَرَاهِم مكساً فَأول ولَايَة الْأَشْرَف وَردت إِلَى دمشق محامحة بِإِسْقَاط ذَلِك المكس وَبَين سطور المرسوم بذلك بِخَطِّهِ بقلم الْعَلامَة ولتسقط عَن رعايانا هَذِه الظُّلامة ويستجلب الدُّعَاء لنا من الخاصّة والعامّة من الْبَسِيط
(وأزرق الصُّبح يَبْدُو قبل أبيضه ... وَأول الْغَيْث قطرٌ ثمَّ ينسكب)
قلت هَكَذَا حدِّثت فَإِن كَانَ هَذَا من عِنْد السُّلْطَان نَفسه فَهَذِهِ غَايَة فِي البراعة وَإِن كَانَ من الكتّاب أَملوهُ عَلَيْهِ وَقت الْعَلامَة فَهِيَ أَيْضا دَالَّة على تيقُّظه كَونه كتب ذَلِك بقلمه لِأَنَّهُ أعجبه ولاق بِقَلْبِه وَمَا الْأَمر بِبَعِيد فَإِن صَلَاح الدّين يُوسُف بن عبيد الله أحد كتاب الْإِنْشَاء بِمصْر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute