للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخْبرنِي أَن الْملك الْأَشْرَف لما تولَّى الْملك منعنَا أَن نكتب إِلَى أحد بدعاءٍ فِي أول الْمُكَاتبَة مثل حرس الله نعْمَة الْمجْلس العالي وَمَا أشبه ذَلِك وَقَالَ من هُوَ الَّذِي افْتتح خطابه بِالدُّعَاءِ لَهُ وَقَالَ كَانَ يتأمَّل مَا يعلم عَلَيْهِ من أَوله إِلَى آخِره فَمَا أرضاه علّم عَلَيْهِ وَمَا لم يرضه خرَّج فِيهِ مَا أَرَادَ وَقَالَ لي كَانَ قد عظم فِي الآخر إِلَى أَن صَار لَا يكْتب اسْمه وَإِنَّمَا يكْتب خَ إِشَارَة إِلَى أوَّل حرف من اسْمه وَقَالَ إِنَّه لما توفّي فتح الدّين بن عبد الظَّاهِر ورتِّب عماد الدّين بن الْأَثِير مَكَانَهُ جَاءَت إِلَيْهِ ورقة بخطّ السّلطان فِيهَا مَكْتُوب يَا عماد اكْتُبْ بَكَيْت وَكَيْت)

ثمَّ بعد مدةٍ جَاءَت ورقة فِيهَا مَكْتُوب يَا عماد الدّين اكْتُبْ بِكَذَا وَكَذَا ثمَّ بعد مدةٍ جَاءَت ورقة مَكْتُوب فِيهَا يَا عماد الدّين كَاتب سرنا اكْتُبْ بِكَذَا وَكَذَا أَو كَمَا قَالَ وَكَانَ الموقّعون أَولا يَكْتُبُونَ فِي الطُّرَّة إِشَارَة إِلَى مَا يعلّمه السُّلْطَان على قدر الْمُكَاتبَة أما أَن يكْتب أَخُوهُ أَو يَقُولُونَ بيبرس أَو قلاون أَو خَلِيل بِحَسب من يكون من الْمُلُوك فَلَمَّا كَانَ فِي أَيَّام الْأَشْرَف أبطل ابْن عبد الظَّاهِر خَلِيل وَكتب الِاسْم الشريف فأعجبه ذَلِك وَأمر لَهُ لكل حرف بِأَلف دِرْهَم وَكَانَ قد منع كتَّاب الْإِنْشَاء أَن يكتبوا لأحدٍ فِي ألقابه الزعيمي وَقَالَ من هُوَ زعيم الجيوش غَيْرِي وَقَالَ لي القَاضِي شهَاب الدّين بن فضل الله كَانَ عندنَا فِي أوراق عمي شرف الدّين جملَة كَبِيرَة بِخَط الْملك الْأَشْرَف إِلَيْهِ فِيهَا مَقَاصِد مَا يَكْتُبهُ عَنهُ قَالَ وَهِي عبارَة مسددة ومقاصد مستوفاة للغرض الْمَقْصُود وَفِي بعض تِلْكَ الأوراق بخطّ يَده عجبا لذهنك الوقّاد وفكرك النقَّاد كَيفَ فاتك هَذَا وَكَانَ فِيهَا مَا يكْتب إِلَى أبي نميّ وَمن جملَة ذَلِك فركنت إِلَى الظّاهر وَهُوَ أَخبث الطَّير وَأَنت أحذر الْوَحْش ونقلت من خطّ القَاضِي محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر فِي سيرة الْأَشْرَف قَالَ مَا رَأَيْت وَلَا سَمِعت بأسبق من ذهنه إِلَى فهمٍ وَلَا أدْرك مِنْهُ لما يزِيل الْوَهم وَلَقَد كتبت عَنهُ واستكتبت فَمَا علَّم على مَكْتُوب قطُّ إِلَّا وقرأه جَمِيعه وَفهم أصُول الْمَكْتُوب وفروعه لَا بل واستدرك عليَّ وعَلى الكتَّاب وخرَّج أَشْيَاء كَثِيرَة مَعَه فِيهَا الصَّواب وَذَلِكَ بِحسن تعطّفٍ وتلطفٍ ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَمِمَّا جرى لَهُ أَنه فِي بعض الْأَيَّام جَالس فِي الميدان والقرّاء بَين يَدَيْهِ يقرأون الْقُرْآن فِي خلوته وَكَانَ وَالِده يحاصر طرابلس فَقَالَ نَصره الله تَعَالَى فِي هَذِه السَّاعَة أخذت طرابلس وشاع ذك عَنهُ وذاع وَكَانَ الْأَمر كَذَلِك وَذَلِكَ لأمر كشفه الله لذهنه الشريف وأطلعه عَلَيْهِ إِن الْمُلُوك نقيَّة الأذهان وَفِيه يَقُول شمس الدّين مُحَمَّد بن سلمَان بن غانمٍ من المتقارب

(مليكان قد لقِّبا بالصَّلاح ... فَهَذَا خليلٌ وَذَا يُوسُف)

(فيوسف لَا شكَّ فِي فَضله ... وَلَكِن خليلٌ هُوَ الْأَشْرَف)

وَفِيه يَقُول الْحَكِيم شمس الدّين ابْن دانيال من الْبَسِيط

(خليلٌ تكسِّر أصنام الزَّمَان وَكم ... جبرت قوما وَلَكِن بَعضهم هُبل)

(وكلُّ نمروذ قد أودى بهامته ... ذُبَاب سَيْفك حَتَّى غاله الْأَجَل)

)

نقلت من خطّ محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر قَالَ الشَّيْخ الْفَقِيه الْعَالم الْفَاضِل شرف الدّين

<<  <  ج: ص:  >  >>